لمى طيارة ..ريم حنا في 24 قراط .. تهرب من الأزمة السورية وتأخذ الجمهور معها



قد لا يكون مسلسل 24 قيراط مسلسلا سوريا مثاليا لدى بعض المشاهدين وخاصة النقاد منهم،  ففي ظل الظروف التي تعيشها سوريا ويعاني منها شعبها ، تحاول بعضاَ من الأعمال الدرامية الاقتراب من الأزمة السورية وتداعياتها على الشعب السوري داخل وخارج سوريا ، بينما تلجأ أعمالٌ أخرى لتعرية المجتمعات وكشف فسادها ، نجد أن مسلسل (24 قيراط )يقف بحيادية عن الحالتين رغم أن قصته لا ينقصها تعرية الفساد ولا الثروة ولا حتى الموت ، فالعمل يحكي عن قصة يوسف المليونير يلعب دوره الفنان السوري(عابد فهد)الذي تداهم منزله مجموعه مسلحة وتختطفه في ليلة احتفاله الأسطوري بذكرى زواجه،وتنتهي الليلة بأن يرمى في البحر بعد أن يعتقد مختطفوه انه قد فارق الحياة ، وتشاء الصدف أن تلتقط أثره على الشاطئ، ميرا تلعب دورها الفنانة اللبنانية (سيرين عبد النور) الباحثة ليلاَ عن الصدف لأجل احتفال مسرحي للأطفال ، فتقوم بإسعافه وحين يصحو من وعكته تكتشف انه تعرض لفقدان ذاكره        Amnesia ولكن ميرا الوحيدة تصر على تبني الرجل الذي جاءت به من البحر وتقع في حبه، في حين مازالت زوجته المصدومة بغيابه تعيش ألغاز الجريمة والكشف عن المجهول ، صحيح ان القصة فيها بعضا من المبالغات ، فكيف يمكن في مجتمعاتنا الشرقية لشابة وحيدة وعازية ان تستقبل رجلا غريبا في منزلها وان تقع في غرامه بتلك السرعة، وكيف أمكن لتلك الجريمة التي أعلنت عنها وسائل الإعلام ،أن تكون غائبة عن أبطال مسرح الأحداث ؟ لكنها مبالغات اعتاد الجمهور على وجودها وحتى على قبولها في الأعمال المدبلجة إلى العربية فما المانع الآن وخصوصا لو اتفقنا كمشاهدين مع كاتبة العمل على أن ما تكتبه اليوم هو بهدف المتعة والتسلية ، وأننا جزءا من تلك اللعبة بإرادتنا .
تلجأ ريم حنا الشاعرة قبل أن تكون الكاتبة ، لعالم السحر والخيال ، تختبر من خلال العمل حياتين لشخص واحد ، تكتب عملاَ بوليسيا غامضاَ مغلفاَ بروح الرومانسية والفكاهة ، تحاول من خلاله الهروب من الكتابة عن الأزمة السورية ، لأن الكتابة عنها "تحتاج لوقت ولعين الصقر" كما صرحت سابقا ،  تستمد قصتها من الواقع وتنسج حوله حبكتها الدرامية وقصصها وحكاياتها بحرفية عالية ، تسرح بالمشاهدين وتلعب معهم قبل أن تلاعب أبطالها ،تختبر ذكائهم وعواطفهم تارة، وحسهم البوليسي تارة أخرى،ثم ترحل في كتابتها إلى أبعد نقطة قد يصلها الخيال ، بمعني أدق تعيد تشكيل الواقع ليصبح قابلا للتصديق ، انه فن كتابه السيناريو لديها ، الفن السهل الممتنع، هكذا ومنذ الحلقة الأولى تعرف ريم حنا كيف تحبس أنفاسنا وكيف تغرينا لمتابعة أبطالها ، وهي ليست المرة الأولى التي تنجح فيها فلقد سبق لها ذلك في مسلسل(لعبة الموت)الذي عرض في رمضان الفائت وكان مقتبسا عن رواية عالمية ، استطاعت ريم حنا توليفها لتتناسب وأجوائنا العربية .
في كل تجاربها الدرامية سواء مع الأعمال الاجتماعية أو المقتبسة أو حتى المتخيلة كانت دائما الكاتبة الفاهمة لطبيعة المتفرج والى سر فن الحكاية ووقعه على المشاهد اللاهث رغم كل ما حوله من دمار لساعة متعه ، ربما لدقائق  فصل أو ربما تناسي لواقعه الحقيقي والانتقال ولو عبر الدراما لعالم ريم حنا الواقعي المتخيل الرومانسي،وهي بذلك تثبت يوما بعد يوم أن كتّاب الدراما السوريون أمثالها ، القادمون من عالم الشعر والرواية والمسرح قد رفعوا ويرفعون من قيمة العمل الدرامي ، ولا يشبهون الأجيال اللاحقة التي دخلت عنوه إلى هذا المجال فسفهته وسطحته وقللت من قيمته كمضمون قبل أن يكون فنا .
ولا يمكننا في مجرى الحديث عن سيناريو مسلسل (24قيراط) إنكار أن نجاح أي عمل درامي بالنهاية ، يقوم على قبطانين أحدهما الكاتب والآخر المخرج، والنجاح المتوقع لهذا العمل مرتبط بالتعاون الخّلاق مابين المخرج المجتهد ليث حجو والكاتبة ريم حنا
 ريم حنا  التي تصرح دوما بأنها كسولة في الكتابة يشهد أرشيف الدراما السورية ومن بعده الأعمال العربية المشتركة بأن لها كماَ لا بأس به من الأعمال الناجحة ذات الجماهيرية ، بداية من (الفصول الأربعة) المسلسل الاجتماعي الذي كان يدور حول عائلة كبيرة من خلال علاقاتها الاجتماعية ،مرورا بـ(رسائل الحب والحرب) الذي تحدثت فيه عن الاجتياح الإسرائيلي على لينان ،(أحلام مؤجلة ،ذكريات الزمن القادم، ولعبه الموت)
مسلسل 24 قيراط من تأليف الكاتبة السورية ريم حنا ومن إخراج الليث حجو وهو عمل بوليسي رومانسي متخيل ، من نوعية  (بان أراب) ومن بطولة كل من عابد فهد ، سيرين عبد النور ، ماغي غصن، تقلا شمعون ، طلال الجردي ،باسم مغنية، مجدي مشموش ،ظافرعابدين ومن إنتاج شركة Egale klim  اللبنانية .