لمى طيارة "خاشع ناشع" كوميديا إماراتية برسائل وطنية

سيف الشيخ نجيب: الممثل الخليجي مرجعياته مسرحية والتجربة ستكسبه الخبرة التلفزيونية.
كوميديا إماراتية تستلهم من التراث قوة الحاضر
على الرغم من انتشار الدراما المصرية والسورية واقتحامها للشاشات العربية في شهر رمضان الحالي، تظهر بين الحين والآخر أعمال درامية خليجية على قلتها تتصدر لائحة المشاهدة لدى مواطنيها، “خاشع ناشع” واحد من تلك الأعمال الإماراتية المحلية التي تغوص في عمق التراث الشعبي الإماراتي، عبر مادة درامية كوميدية لا تخلو من حس الطرافة.
العرب : دخل مسلسل “خاشع ناشع” الإماراتي الذي أنتجته قناة أبوظبي السباق الرمضاني في وقت مبكر، واحتل حيزا هاما لدى المشاهدين في الخليج وتحديدا في الإمارات، ليس فقط لما عرف عن أبطاله من حسّ كوميدي وخفة ظل، حيث يلعب بطولته كل من الممثل عبدالله زيد بدور خاشع، بينما يلعب دور ناشع الممثل جمعة بن علي، بل لأنه وقبل كل شيء عمل يقترب في طرحه من التراث الشعبي الإماراتي، ويلامس كافة مناحي التطوّر الذي وصلت إليه الإمارات اليوم.
وتدور أحداث العمل الذي كتبه عبدالله زيد وأخرجه السوري سيف الشيخ نجيب حول دولة الإمارات، تحديدا في العام 1969، أي قبل قيام اتحاد الإمارات بعامين، ويلعب بطولته إلى جانب البطلين الرئيسين، كل من أحمد الأنصاري وهدى الغانم وسارة السعدي وإبراهيم سالم وغيرهم.

ثنائي ناجح

كوميديا من عمق التراث الشعبي الإماراتي
كوميديا من عمق التراث الشعبي الإماراتي
يعتبر “خاشع ناشع” عملا تراثيا على الرغم من قالبه الكوميدي، ويحاكي النموذج العالمي في كتابته حيث يعتمد على وجود شخصيتين رئيستين، الأولى لرجل شرير ومؤذ، والأخرى لرجل بسيط وساذج وغالبا ما يكون هو الضحية. حاول كاتب العمل من خلاله المرور على كل التفاصيل المتعلقة بالتطوّر الذي حصل في دولة الإمارات، مؤكّدا على الفضل الكبير لأولياء الأمر من الشيوخ والحكام على تلك المناطق النائية، وعلى إصرارهم لتوفير الحياة الكريمة لتلك المناطق النائية عبر إيصال الكهرباء والماء وبناء المستشفيات والمدارس.
يقول عبدالله زيد كاتب وبطل العمل “البعض يعتقد أن ما وصلنا إليه في الإمارات كان بفضل البترول، لكننا في الإمارات نعلم أن هذا الخير وهذه النعم التي نحن عليها اليوم ليست بسبب ما أنجبته لنا الأرض من بترول، وإنما بسبب ما أنجبه لنا من يسيرون فوق هذه الأرض من مشايخ وولات أمر وحكام، والذين ما زال همهم وشغلهم الشاغل الناس، وهذه هي فحوى العمل والرسالة الأساسية منه، وقد عملنا على تقديمه بهذا الشكل الكوميدي، لعدة اعتبارات أولها أن العمل الكوميدي كقالب فني مرغوب في الإمارات، وثانيا لأنه عُرف عني وعن جمعة بن علي أننا ممثلان كوميديان، والحمد لله حقّق العمل مشاهدة عالية”.
ولقد سبق للممثل عبدالله زيد أن قدّم العديد من الأعمال الكوميدية سواء في التلفزيون أو المسرح برفقة الفنان الإماراتي جمعة بن علي، حيث بدأت شراكتهما الفنية منذ العام 2012، فقدّما العديد من الأعمال الناجحة، نذكر منها “حبة رمل”، “شبيه الريح”، “دار الزين”، “حدك مدك” وغيرها من الأعمال..
فما هو السبب في تلك الشراكة المستمرة حتى اليوم، عن ذلك يقول الكاتب عبدالله زيد “تربطني بجمعة بن علي صداقة قديمة تمتد لسنوات حتى قبل أن يكون ممثلا، ويجمعنا نوع من الكيمياء، بحيث أفهمه ويفهمني من نظرة العين وربما النفس، وحتى الإيحاء، كما أن جمعة ممثل يمتلك طاقة كوميدية عالية ويتميز بقدرته على تقديم مساحة للنكتة وبناء الكوميديا، وتعتيق المشهد والحوارات بصورة جميلة جدا، بالنهاية هو فنان لا يختلف عليه اثنان، ولطالما أحببت أن أكتب له وأن أمثل معه”.

كوميديا سوداء

الصداقة والحرفية التي تجمع الفنانين عبدالله زيد بجمعة بن علي انعكست إيجابا على نجاح مسلسل "خاشع ناشع" جماهيريا
الصداقة والحرفية التي تجمع الفنانين عبدالله زيد بجمعة بن علي انعكست إيجابا على نجاح مسلسل "خاشع ناشع" جماهيريا
رغم أن مسلسل “خاشع ناشع” يعتبر من الأعمال الإماراتية المحلية ويدور في أجواء تراثية بحتة تتعلّق بدولة الإمارات، إلاّ أن قناة أبوظبي التي أنتجته أوكلت مهمة الإخراج للمخرج السوري سيف الشيخ نجيب، الذي عرف مؤخرا بإخراجه لبعض الأعمال الكوميدية التي كان أحدثها في العام الماضي 2019 “بقعه ضوء”.
وعن التجربة يقول سيف الشيخ نجيب، في الحقيقة مسلسل “خاشع ناشع” كان موكولا لمخرج إماراتي. ولكن لظرف ما لم يستطع أن يكون جاهزا له، ولقد وجدت الجهة المنتجة المتمثلة بتلفزيون أبوظبي أنه لا مانع من وجود مخرج آخر للعمل حتى ولو كان بعيدا عن بيئته، وخاصة في حال استطاع أن يفهم ويستوعب بيئة العمل”.
وتابع “التراث العربي بالعموم قريب من بعضه إلى حد ما، وأنا أعجبت كثيرا بالنص، ووجدته ذكيا وهادفا، فتمّ الاتفاق مع الجهة المنتجة على تنفيذه”.
كما أن وجود كاتب العمل وبطله عبدالله زيد أثناء التصوير، والذي يعتبر الشريك التراثي في العمل قد ساعد المخرج بشكل كبير، حيث كان يلفت انتباهه في حال حدوث خطأ ما قد يؤثّر على الفكرة التراثية المراد توضيحها في العمل، وخاصة أن بعض الأمور التي يتطرّق لها العمل كانت تتعلّق بشكل عميق بالبيئة الإماراتية في مرحلة الستينات، وهو أمر كان سيتطلّب نفس المجهود من المخرج حتى ولو كان من أصول إماراتية.
سيف الشيخ نجيب: العمل مقدّم في إطار كوميدي، إلاّ أن فكرته هادفة جدا
سيف الشيخ نجيب: العمل مقدّم في إطار كوميدي، إلاّ أن فكرته هادفة جدا
ويقول سيف مؤكّدا على ذلك “أنه حتى في أعمال البيئة السورية، لطالما احتاج المخرج الاستعانة ببعض الأشخاص الطاعنين في السن لتوضيح فكرة ما، أو للتأكّد من صحة بعض التقاليد التراثية أثناء تنفيذ العمل”.
وعن تجربة عمله الأولى كمخرج في الخليج ومع ممثلين خليجين يقول سيف الشيخ نجيب “صحيح أن العمل مقدّم في إطار كوميدي، إلاّ أن فكرته هادفة جدا، وهي ليست تجربتي الأولى في الخليج وإنما في الإمارات تحديدا، فلقد سبق لي وأن أخرجت عملا في الكويت العام 2009 بعنوان “شر النفوس”، ولقد حقّق هذا العمل حينها نسبة مشاهدة عالية جدا في الوطن العربي، وكان عملا خارج إطار الكوميديا”. أما بالنسبة لمسألة التعامل مع الممثلين الخليجيين، فعن ذلك يقول “آلية إيجاد حلول للشخصيات وطريقة اتفاق المخرج مع الممثل على الشخصية من الناحية الفنية لا تختلف بين ممثل وآخر من حيث الجنسية، وإنما من حيث الأدوات التي يستخدمها الممثل ومن حيث الثقافة المجتمعية”.
وتابع “لكن الممثل السوري أكثر احترافا في العالم العربي، وأنا في الحقيقة لا أفضل تصدير هذا الكلام عن الممثل السوري مقارنة بأي فنان من دولة ثانية، ولكن يبدو أن تطوّر الدراما السورية والنهضة التي مرّت بها وتحديدا في التسعينات وحتى الألفية الجديدة أعطت خبرة كبيرة للممثل السوري وبالتبعية خبرة عالية لدى الفني السوري، وبالحديث عن الممثلين الخليجيين فإن غالبيتهم قادم من مرجعية مسرحية، وبالتالي يعملون بطريقة مسرحية إلى حد كبير، ولكن قريبا ومع زيادة الإنتاج ستصبح لديهم خبرة تلفزيونية مهمة”.
وارتبط اسم المخرج سيف الشيخ نجيب منذ سنوات بالأعمال الكوميدية، خاصة بعد إخراجه لعدة أجزاء من “بقعه ضوء”، فما هو سر ارتباطه بالقالب الكوميدي، عن ذلك يقول محدثنا “رغم أنني أحب العمل في هكذا نوعية من الكوميديا السوداء خفيفة الظل، والتي تشبه المثل القائل “شر البلية ما يضحك”، لكنها في الحقيقة ليست خياري الدائم وإنما الظروف هي التي وضعتني ولعدة سنوات في إطارها”.
وخاض سيف نجيب مؤخرا تجربة العمل في عالم الأطفال من خلال “أهلا سمسم” وهو عمل من خمسة أجزاء موجه للأطفال في كل من لبنان والأردن والعراق وسوريا، وقد خُصّص جزء منه لمخاطبة الطفل اللاجئ والطفل المُضيف، وقد نفّذ الجزء الأول منه وكان منتظرا إتمامه لولا تدخل جائحة كورونا وتعطيل العمل به.
وعن تلك التجربة يقول سيف الشيخ نجيب “سعيد جدا بهذه التجربة، خاصة أنها تعتمد على التعامل مع الدمى، ومن شخصياته الرئيسية ‘جاد’ و’بسمة’ و’معزوزه’، وهذا أمر جديد كليا بالنسبة لي، ويحتاج للكثير من الحرص في تقديمه للأطفال، قمنا فعلا بتصوير الجزء الأول منه في العاصمة الأردنية عمّان وأخرجت الجزء الأكبر منه، وهو مخصّص للأطفال ما بين 6 و10 سنوات، ويدور حول المشاعر واستخدامها ويتناول مشاكل تربوية تعليمية تثقيفية تنمّي المهارات”.