عرض بيت الحكمة بحضور السيدالرئيس وأمير قطر



الفن الـــسوري يتألق في الدوحة عاصــمة للـــثقافة العربية
• الدوحة . نضال قوشحة .

مجددا يثبت الفن السوري علو قامته على المستوى العربي ، فيحصد الإهتمام هذه المرة من خلال وجوده المكثف في عاصمة الثقافة العربية للعام 2010 الدوحة التي تزدهي هذا العام بهذا العرس الثقافي العربي المميز .
سورية كانت الحاضر العربي الأهم في انطلاق هذا الحدث ، وهي الدولة التي أقيم أول اسبوع ثقافي لها في الفعالية حيث انطلق بعد ثلاثة أيام من البدء متضمنا فعاليات موسيقية وسينمائية وغيرها ، وأختتم مساء يوم 8 من الشهر الحالي بمشاركة وفد من وزارة الثقافة السورية وبحضورالسيد الوزير وعدد كبير من المعنيين في الشأن الثقافي في سورية .
فرقة إنانا كانت الحاضر الأول فقد فعلتها ثانية وافتتحت فعاليات الدوحة عاصمة للثقافة العربية بعد افتتاحها لمسقط عاصمة للثقافة العربية قبل سنوات , وقدمت في عرض الإفتتاح عرضا مسرحيا راقصا بعنوان بيت الحكمة حضره السيد بشار الأسد رئيس الجمهورية السورية وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأمير الشارقة سلطان القاسمي .
كان العرض متميزا ورشيقا ، حاز إعجاب الكثيرين ممن حضروه وكان علامة فارقة هامة في صالح فرقة إنانا والمسرحيين السوريين والقطريين الذين قدموه بشكل لافت . شارك في العرض نجوم سوريون منهم غسان مسعود عبد المنعم عمايري جلال شموط زياد سعد ميسون أبو أسعد وآخرين ألف الموسيقى له محمد هباش أما المخرج المسرحي فكان جهاد سعد والمخرج العام والكريوغراف فكان لجهاد مفلح .
عن هذا العرض وكيفية التجهيز له قال جهاد مفلح مؤسس ومدير فرقة إنانا . أشكر الثقة القطرية الرسمية والشعبية التي وفرتها للفرقة . الفن السوري بات مطلوبا عبر العالم العربي بكامله ، فالدراما السورية صارت حدثا يوميا على شاشات العرض العربية ، أما في المسرح الراقص فإن التجارب أثبتت أهمية التجربة السورية فها هي فرقة إنانا تفتتح فعاليات عاصمتين عربيتن للثقافة . مشروع بيت الحكمة كان من إقتراح السادة في قطر وتم تكليف فرقة إنانا به ويشرفنا ذلك طبعا ، استمرت جهود العمل عليه لمدة تزيد عن السبعة أشهر إلى أن ظهر أخيرا على هذه الشكل .
عن الجديد في العرض يقول مفلح يتميز العرض بشكلانية جديدة وهي أسلوب العرض الحي ، فرغم أن العرض موسيقي وغنائي في جانب كبير منه فإنه ظهر على شكل الصوت الحي ولم نلجأ للتسجيل خاصة بالنسبة للممثلين . فعدد الممثلثين كان 18 والعمل متداخل بين الغناء والتمثيل لكنه نفذ حيا . طبعا كان للتجربة مخاطرها لكن الأمور كانت جيدة بخبرة السادة الممثلين ومخرج العرض المسرحي . طبعا هناك أيضا ميزة أخرى أن العمل كان جهدا لتعاون عربي من أكثر من بلد . فعلى صعيد التمثيل دخل معنا في تجربة خلاقة ممثلون من دولة قطر والذين قدموا كل الجهد الخلاق لنجاح العمل . وعن طموحاته الفنية مع فرقته قال لا سقف لهذا الطموح ، فالطموح يجر طموحا . هنالك استراتيجية تسير وفقها الفرقة لكن في القريب العاجل يمكن أن نذهب إلى مشروع كلاسيكي أو مودرن أو غير ذلك . عندما بدأنا كنا نريد أن نصنع شيئا يعنى بالتعبير وصولا إلى تشكيل مؤسسة خاصة تعنى بالرقص المسرحي .لكن الأمور تطورت والحمد لله فأوجدنا مكانا محليا هاما ثم عربيا وأكرر لاسقف للطموح .
كاتب العرض المسرحي الإفتتاحي بيت الحكمة ياسر الأيوبي ، قال عن عرضه . أردت أن أرسل رسالة ما يتحدد مضمونها في تحديد الإجابة على سؤال محدد هو من يصنع الزمن أو من يسم الزمن بطابعه ويرسم ملامحه . هل هو الحضاري أم الأقوى ، وضعت البداية من قصة الساعة التي أهداها هارون الرشيد للملك شارلمان في ألمانيا وكانت ذروة الإبتكار العلمي في حينه ، وانطلقت منها لبيت الحكمة الذي أسسه ولده المأمون وكان منارة العلم والمعرفة على صعيد العلم حينذاك .
عن عملية صياغة النص قال الأيوبي أنه أعد نصا أوليا ثم عرض على لجنة قطرية كانت على مستوى عالي من المهنية والإحترام وتم التنسيق معها على إجراء بعض التعديلات فكانت وتوصلنا أخيرا لصيغة توافقية .أنا سعيد جدا بالتجربة وقد وجدت فيها الكثير من الخبرة والجديد وأحترم جدا طموح الأخوة في قطر لإنجاز عمل حضاري على مستوى العالم .
لدى سؤالنا الأيوبي عن مدى فائدة وأهمية استحضار هكذا شخصيات في يومنا المعاصر قال :
نحن نعيش الآن على المستوى العربي عصر الإستيلاب الذي شمل كل مفاصل حياتنا اليومية ولكن هذا يجب ألا يقودنا إلى فكرة الإستسلام وعدم الثقة بتاريخنا . لأننا في زمن مضى كنا أفضل وربما الأفضل . يتعبني أن بعض الشباب العربي يرفض حتى إنتمائه القومي العروبي لأنه يشعر بتخلف العالم العربي اليوم ولديه إحساس بأن العربي متخلف من فجر التاريخ . وهذه الكلام غير صحيح . من شاهد فيلم مملكة السماء العالمي الذي لعب دور صلاح الدين فيه نجمنا غسان مسعود سيشاهد أن صلاح الدين أحضر للملك الافرنجي غي ماء مثلجا في الصحراء . فهل أحد من شباب اليوم قادرعلى أن يحل لغز وجود تقنية ما تثلج الماء عند أهل المنطقة العربية منذ ما يقارب ال 800 عام خلت .
هذه الفترة حيث كانت الحضارة العربية في أوجها كانت جسر أوروبة نحو معارف اليونان والرومان القديمة ، فالحضارة العربية عبر مؤلفات علماء مثل الخوارزمي ويوحنا ابن عيسى وآخرين كانت ناقلا وحاضنا ومضيفا لعلم الأقدمين الذي أفادت منه أوروبة بشكل منهجي وأكاديمي حتى بداية عصر نهضتها الحديثة . لذلك أنا أصر هنا على أن استحضار هذه المراحل لحياتنا المعاصرة لا يشكل استعراضا أو تزويرا للتاريخ ، بل هدفنا منه تحفيز الطاقات وجمعها ثم تكريس جهودها في سبيل نهضة شاملة . فالعلماء والمبدعون والفنانون من كل التخصصات موجودون وما علينا سوى العمل وفق منهجية علمية صادقة .