التقارب الحضاري تيمة الدورة الثانية للمهرجان الدولي الثاني للفيلم الوثائقي بخريبكة / المغرب

الدكتور بوشعيب المسعودي خريبكة 25 فبراير2010

في سياق إثارة سؤال الفيلم الوثائقي ببلادنا في ظل التحول الايجابي الذي تعرفه الساحة السينمائية المغربية وتتمة لمقال الأستاذ حسن مجتهد: المغرب في حاجة إلى قناة وثائقية، ولمقال الدكتور الحبيب ناصري: في الحاجة إلى دعم ثقافة الفيلم الوثائقي بالمغرب، أكتب عن أهمية الفيلم الوثائقي من خلال موضوعه الدورة الثانية.
التقارب الحضاري موضوع وتيمة المهرجان الدولي الثاني للفيلم الوثائقي بخريبكة / المغرب في دورته الثانية.
و يحتوي الموضوع على كلمتين مهمتين هما التقارب والحضارة.
فهناك تقارب وهناك حضارات، والحضارات بعدد الشعوب والقبائل وقد ذكر سبحانه وتعالى " لقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، لتعرفوا بعضكم البعض ولمعرفة بعضكم البعض يجب أن تقاربوا فالتقارب ضروري لمعرفة الآخر بكل لغاته وعاداته وتقاليده.
وقد تكون خلافات بين الشعوب والدول سياسية ومذهبية وطائفية ولكن الثقافة تلعب الدور الأساسي في التقارب بين الحضارات، و لا تشكل الثقافة مادة للاختلاف والصراع والقتال.
والاختلافات السياسية تؤدي إلى صراعات وحروب تحت شعارات لتعبئة الجماهير، والثقافة تعمل على التقارب وعلى فك الحصار على الحضارات سواء منها المنسية وغير المعروفة أو المحاصرة من طرف استعمار أو سلطة متسلطة.
والتقارب الحضاري معركة مستمرة بين الشعوب وبين جماهير الدول المختلفة ولو كانوا قلة يعدون على الأصابع.
والاختلاف الثقافي هو المحرك الأول والأساسي للتقارب بين الحضارات
والتقارب الحضاري قديم قدم الزمان وقدم الإنسان ولسوء الحظ كان يبدأ بالحرب والغزو والتسلط واحتلال القوي للضعيف وإثارات مفتعلة من طرف المتسلط، وقد يتفجر الخلاف بين الجيران وبين أبناء الشعب الواحد.
ولكن الثقافة تقرب الناس دون حروب ودون قتال وذلك بفضل الجمعيات المدنية والمؤتمرات العلمية والثقافية وبفضل المهرجانات الثقافية والتربوية والترفيهية ومن أهم هذه المهرجانات السينمائية وخاصة الوثائقية.
فالوثيقة والفيلم الوثائقي يعرف حقيقة الشعوب و حقيقة الأشياء العلمية و حقيقة المباني والمآثر التاريخية والعمرانية وهذا دور العلماء والناشطين المثقفين الذين لهم محرك واحد هو الثقافة هو معرفة الآخر ومعرفة جذوره وخاصياته وإمكانية العمل معه وأخذ الحسن منه وتفهم عاداته وتقاليده وما يظهر لنا عيبا عنده، وإعطاءه تاريخنا وحضارتنا عبر الوثيقة والوثائقي ونبذة بالصوت والصورة لمورو ثنا وهويتنا وحقيقة تاريخنا.
وهذا ما يود أن يؤكده المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي في نسخته الثانية خلال شهر أكتوبر 2010 عبر الندوة التي سيشارك فيها باحثون وخبراء لدراسة مساهمة ومشاركة الفيلم الوثائقي في تحقيق التقارب الحضاري بين الشعوب.
والفيلم الوثائقي يوضح لنا عادات وعقائد وكذلك التطورات الجذرية التي تحدث في كل هذه الحضارات والتغيرات البشرية والمعمارية والجغرافية أيضا التي تحصل طوال تاريخ هذا الشعب أو ذاك.
وقد حقق الفيلم الوثائقي تقاربا ايجابيا بين الشعوب فزيارتنا لبلد ما بعد قراءة ملف أو مشاهدة فيلم عن المآثر وعن العادات والمأكولات وبعض المناطق العينية والدالة على البلد تقربنا أكثر حتى أن اللغة لا تصبح حاجزا بين الزائر وصاحب البلد.
ولقد ركزت جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة على ترسيخ ثقافة الصورة بصفة عامة وثقافة الفيلم الوثائقي بصفة خاصة.
وثبت من مناقشة الشباب والمحبين للسينما بصفة عامة والوثائقي بصفة خاصة أن مشاهدة الأفلام الوثائقية بكثرة والمحاضرات عن السينما وتقنياتها مقياس لتحليل وتركيب الصورة بصورة جيدة وتعبير شامل وكامل للتعريف بالقيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية الطبيعية الواقعية والتي قد تتأثر بعوامل خارجية ومحلية عبر العصور.
وحلم الجمعية أن يصبح الوثائقي ذا شعبية كبيرة وأن يستخدم كأداة إعلامية للتعريف بمجتمعات بعيدة و بثقافات مغايرة وبمعالم مجهولة، ولهذا السبب لابد من قناة وثائقية للبلاد، ولابد من دعم الأفلام الوثائقية وتشجيعها، لأنها تعمل على لتوثيق واقع ملموس. والأفلام الوثائقية أصبحت أكثر شعبية ورفيعة المستوى ، على الرغم من أن شعبيتها لا تزال أقل بكثير من شعبية الفيلم الروائي وأفلام المغامرة. و على الرغم من أنتاجها (ألأفلام الوثائقية) أرخص بكثير من إنتاج الأفلام التجارية.