فيلم "البراق" لمحمد مفتكر / المغرب



الدكتور بوشعيب المسعودي
جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة.


"البراق" فيلم مغربي لمخرجه محمد مفتكر من أفلام مسابقة الدورة الثالثة عشرة لمهرجان السينما
الإفريقية بخريبكة.

فيلم المتعارضات والمتناقضات، فيلم القلم والحصان والبيضة، فيلم ازدواجية الشخصية، فيلم الأسود والبني والأزرق، الفيلم الذي لم يفهمه المتفرج، الفيلم الذي فجر عدة تساؤلات وتناقضات عند النقاد والمهتمين بالسينما المغاربة وغير المغاربة، الفيلم الذي علله المخرج المغربي محمد مفتكر بأنه صادر عن حدث واقعي، ولكن بفعل السينما وبأدوات السينما حوله إلى فيلم، حاول أن يدخل المتفرج في فيلمه ويشركه معه في جميع الأحداث. الأحداث التي كانت عنيفة ومغايرة للمعايير. والتي لامست الطابوهات في مجتمعنا .

لقد كانت القصة والسيناريو غير عاديين وغير طبيعيين وجعلا المتفرج يعيش في دوامة ومنعرجات طيلة مدة الفيلم.
لقد لامس الفيلم بعض المواضيع، الموجودة في بلادنا، والمسكوت عنها، والمحرمة كزنا المحارم، وهنا ركز المخرج على ازدواجية شخصية الأب.
الأب العنيف/سيدي مول العود، الأب القاسي الذي يريد ابنا بأي ثمن، في مجتمع فحولي ورجالي، لكي يتمكن له من ترك الأثر والهيبة أمام جيرانه وقبيلته. وهو في نفس الوقت مجرم/عاشق لابنته.
لقد ربى ابنته على الكذب وحاول تحصينها بمنع الابنة من القراءة والكتابة، وبإجبارها على لبس لباس ذكوري، وبتعريضها لركوب الخيل ولقوة سيدي مول العود. ومنى نفسه بأكذوبة آمن بها وصدم بها في الآخر.

فالحصان رمز آخر، رمز الفحولة والرجولة والجبروت، ورمز الجمال والقوة في آن واحد.
القلم واللوحة رمز واحد، رمز العلم والقراءة، والتعلم والمعرفة.
الحمل والبيضة رمز الخصبة والعطاء والاستمرار في الحياة.
المستشفى كالسجن والحوار كالاستنطاقات والطبيب/(دكتور هاوس) بارد متسلط، وسط ألوان سوداء مظلمة، وسط الخرافات المتداولة.
والمريضة/الممرضة ازدواجية أخرى للشخصية، للبحث عن الآخر، للتفكير بالآخر، ولفهم الآخر.

طرحت الازدواجية مشكل المرأة ككل، بجمالها وأنوثتها، ولكن بضعفها وقسوة المجتمع الرجولي عليها، واستغلال الذكر لها، والخوف الذي صاحبها طوال الفيلم. و هي التي لاتريد فتح عينها، لتعيش حلمها، ولا ترى الواقع المر الذي تريد الهروب منه. وقد زاد المخرج محمد مفتكر في شرح "فتح العين" بأنها عبارة آتية من بعيد، ومن صورة سوداء، متجهة بالفعل إلى البطلة، ولكن إلى المشاهد أيضا، لكي يشاهد هذا الفيلم من داخله وبنفسية الممثل، الذي جرده هو الآخر من هويته وجعله يعيش الحدث خطوة خطوة.

لقد سلط فيلم "البراق" الضوء على مجموعة من المواضع والأسئلة العويصة والمستعصية، التي نعيشها في عالمنا، بدون إجابة فعلية وواضحة في الفيلم.