يوسف خليل السباعي يحاورالممثل المصري الكبير رياض الخولي


أسدل الستار أخيرا بسينما إسبانيول بتطوان على فعاليات الدورة السادسة لفضاء تطاون المتوسطي للمسرح المتعدد بعرض مسرحية " لا للحرب" لفرقة إينيو ترينيلي من مدينة مالقة. كما عرف هذا الفضاء تقديم مجموعة من العروض المسرحية ك مسرحية " مول الحانوت" لفرقة مسرح الحال بالمغرب، و" كاظم الغيض" لفرقة حركة المسرح بالقليعة بالجزائر، و" رباعيات الموت" لفرقة العاصي المسرحي بسوريا. وقد تميزت هذه الدورة بعرض مسرحية متميزة بعنوان " ظل الحمار" لفرقة مركز الإبداع الفني من مصر، وهي مسرحية تتحدث عن أن الأشياء التافهة لا تتحول إلى مشاكل كبيرة، وأزمات طاحنة إلا في المجتمعات المنغلقة فكريا، والعاجزة عن التطور، والنظر إلى المستقبل. والمسرحية من تأليف فردرش دورنمات وإخراج إسلام إمام. كما تميزت الدورة ذاتها بتكريم كل من المخرج المغربي المعروف محمد إسماعيل، الذي أنتح وأخرج العديد من الأفلام الوثائقية والأمسيات المسرحية ومجموعة من البرامج المختلفة والأفلام السينمائية، والممثل المصري الكبير رياض الخولي. نجم المسرح والتليفزيون والسنما المصرية. شغل رياض الخولي مسؤولية مدير المسرح الكوميدي من عام 2001 إلى 2007، وهو الآن مدير المسرح القومي ورئيس البيت الفني للمسرح ووكيل وزارة حاليا. التقتيناه في تطوان، وأجرينا معه هذا الحوار:

س: ماهو شعورك إزاء تكريمك في فضاء تطاون المتوسطي للمسرح المتعدد؟

ج: التكريم شيء محبب إلى نفسي، خصوصا عندما يكون من المغرب الشقيق. وأعتبره أحسن تكريم حظيت به طوال عمري الفني. فكل التقدير والشكر والاحترام مني للقائمين على هذا الفضاء المسرحي.

س: لك تجربة عميقة في مجالات المسرح والتليفزيون والسينما. أين يجد رياض الخولي نفسه تحديدا؟

ج: شاركت في عدة أعمل سينمائية وتلفزيونية،ونجحت فيها، وكل عمل له طعم مختلف، خاصة الأعمال التلفزيونية. لكنني أحب المسرح كثيرا، فالمسرح أب الفنون، ولا وجود لحاجز بينك وبين الجمهور.. في السينما أجد نفسي أتعامل مع الكاميرا، مع الآلة، خلافا للمسرح، وهذه ميزة المسرح، أما المسلسل التلفزيوني فهو شيء مختلف.

س: تألقت فنيا في عدد من الأدوار طيلة مشوارك الفني، لكن الملاحظ أن رياض الخولي مقل في العمل في السينما عكس المسرح والتلفزيون. كيف تختار أدوارك؟ ولماذا هذا العزوف عن السينما؟

ج: هذا السؤال أثير أكثر من مرة حتى هنا في المغرب. أقول لك بموضوعية ما قلته في مصر. عندما شاركت في فيلم " طيور الظلام" سنة 1995، اعتبرت نفسي جئت في الوقت الضائع، بمعنى في الوقت التي بدأت السينما المصرية تغير جلدها، فاعتبرت نفسي ضيفا ثقيلا، لوكان الفيلم أنجز في سنة 1985 كنت سأكون موجودا في هذه الفترة. توصلت أخيرا بسيناريوهات ورفضتها، لأنها لم تكن حسب ما أرغب في عمله، أو أحس أن الأدوار قد تكون مهمشة. فأنا لا أبحث عن التواجد بشكل " أهبل" أو " عبيط"، كما أن المال لا يغريني إطلاقا، كل ما أبحث عنه دور يتواءم معي وأنفعل به أو يبق داخل النسيج الدرامي، مؤثر، طالما أنا ناجح في المسرح والتلفزيون، كما أنني لا أشترط البطولة في السينما.

س: هل بوسع رياض الخولي أن يحدثنا بإيجاز عن تجربته المسرحية؟

ج: أنا أمثل في المسرح منذ تخرجي. كنت طالبا في المعهد وأنا أشتغل في المسرح. لكن من سوء الحظ أن المسرحيات التي اشتغلت فيها لم تصور باستثناء أربع أو خمس مسرحيات. منذ 35 سنة وأنا اشتغل في المسرح، تأتي فترات أنكمش فيها، وفترات أشتغل فيها وهكذا دواليك..لكن، يبق المسرح بالنسبة إلي هو الأساس. أنا أحبه، وأعشقه إلى حد كبير، وأعشق كواليسه، والأسرة الفنية فيه، كواليسنا هادئة دائما، وبخصوص اختيار الأدوار أختار قد إمكانياتي، هناك قولة شهيرة للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: " الاختيار هو المسؤولية"، عندما تختار تصبح مسؤولا عن اختيارك. أنا لي اهتمامات ثقافية وفكرية ووجهة نطر خاصة.

س: ماذا عن رئاستك للبيت الفني للمسرح؟ وما ذا يعني لك ذلك كممثل وفنان؟

ج: أعتبر ذلك تكليفا من وزير الثقافة المصري فاروق حسني. وهي ثقة وضعها في سيادة الوزير لابد أن أكون أهلا لها. لقد سبق لي أن أدرت المسرح الكوميدي من عام 2001 إلى 2007، وحاليا أنا مازلت مديرا للمسرح القومي. وأعتبر بحكم مسؤوليتي عن مسارح الدولة أن هذه المسارح أصبح لها كيان وأصبحت كل المسارح مضاءة. خلافا للقطاع الخاص، الذي تقلص دوره،فليس هناك سوى فرقتين مسرحيتين، فرقة عادل إمام وفرقة سمير غانم، بعدما كانت هناك عشرات الفرق. مسرح الدولة هو المسرح المضاء حاليا. وبه عروض متتالية، ونحن سنكمل المسيرة إن شاء الله. وسنعيد بعض التوجهات بشكل أكثر جدية وأكثر تلاحما مع الواقع. كما أننا سنعيد ربط الجسور التي تهدمت بين المسارح و الجمهور. وإعادة الجمهور على المسرح. وتحديث البنية الأساسية للمسرح، تحديث خشبات المسرح بأجهزة متطورة واستمرار إنتاج العروض المسرحية الكبيرة والانفتاح على كبار الكتاب مثل يسري الجندي، محفوظ عبد الرحمان، ومحمود الطوخي، وغيرهم وكذلك الاستعانة بالكتاب العرب والمسرح العالمي.

س: كيف تشتغل على ذلك؟ وماهي أهم المحاور؟

ج: أشتغل على محورين: المحور الأول يتعلق بالعقل. والثاني باحترام الوجدان. لابد أن تكون البضاعة ثمينة، ليست رخيصة مبتذلة، وليست مهترئة، وذلك لإعادة الثقة للجمهور. وهذا رافد ثقافي مدعم من طرف الدولة. لابد أن نقدم للناس أعمالا مسرحية محترمة. ومعنى ذلك، تقديم عروض مسرحية في إطار محكم دون الخروج عن الأخلاقيات وتلافي الإبتذال.

س: هل لك دراية بمسرحيات مغربية أو شاهدت أفلاما سينمائية مغربية بحكم زياراتك المتعددة للمغرب؟

ج: سبق لي أن زرت المغرب. وعرضنا مسرحية ناجحة " الناس اللي في الثالث" للكاتب الشهير أسامة أنور عكاشة، بطولة سميحة أيوب، فارق الفيشاوي، رشوان توفيق وعبد العزيز مخيون، كان ذلك في سينما إسبانيول بتطوان، وكانت هذه من المسرحية ناجحة جدا في مصر. بالنسبة للعروض المسرحية المغربية أشاهدها في فترات متباعدة لعدم معرفتي جيدا بالمسرح المغربي، لكنني تعرفت على بعض العروض المسرحية المغربية من خلال مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة. والحقيقة أنها كانت عروضا جيدة.

س: كيف يمكن رياض الخولي الارتقاء بهذا الفضاء المسرحي بتطوان؟

ج: لايمكن الارتقاء بهذا الفضاء من دون دعم مادي. وأعتقد أن هذه مسؤولية بعض الأطراف المهتمة والمسؤولة وفي مقدمتها وزارة الثقافة المغربية.

س: عرف شهر رمضان الماضي غزارة في إنتاج المسلسلات الدرامية المصرية، وصلت حد 60 مسلسلا مصريا. كيف يمكن للمتلقي أن يلاحق كل هذه المسلسلات؟ ولماذا هذا الكم ؟

ج: أيام زمان كان التلفزيون المصري ينحصر في قناتين، وعند الساعة الثانية عشرة ليلا ينقطع البث.. الآن هناك كثرة في القنوات.. وكل قناة تطلب مسلسلا أو أكثر.. كما أن آليات السوق فارضة هذا الطرح، أو بعبارة أوضح، التعدد. ويبقى على المتلقي أن يختار هذا المسلسل وليس ذاك. لكن، من جهة أخرى، غزارة الإنتاج هذه توفر الشغل لعدد كبير من العاملين في هذا المجال الفني.

س: كيف يجمع رياض الخولي بين مسؤوليته كوكيل وزارة والعمل الفني؟

ج: كل شيء في الكون في حاجة إلى تنظيم وتدبير. ونحن نشتغل بشكل تكاملي داخل المؤسسة التي تلزمك بالإنتاج وسرعة الإنجاز، والتي يحكمها قانون ولائحة. وأنا أعرف كيف أنظم وقتي حتى أتمكن من النجاح في عملي الفني والإداري.

س: نود أن نعرف رأيك صراحة في ثلاث أسماء هي عادل إمام، نادية الجندي وعمرالشريف؟

ج: عادل إمام، في نظري ظاهرة فنية لاتتكرر، إلا كل حقب زمنية طويلة، يكفي أنه اعتلى النجومية على مدى ربع قرن، إنه طاهرة فنية لا تتكرر مثله مثل أم كلثوم. نادية الجندي، فنانة ملتزمة، قامت بأدوار مميزة في السينما المصرية، وأخيرا بأعمال تلفزيونية درامية متميزة. إضافة إلى أنها فنانة متجددة دائما ولها قاعدة جماهيرية عديدة. محبوبة لدى الشعب المصري وفي الوطن العربي ومازال في جعبتها الكثير . أما عمر الشريف، فهو يعتبر ظاهرة مصرية وعربية وعالمية. إنه رمز فني بالنسبة لكل العاملين في الحقل الفني، عمر الشريف فنان عالمي، لكنه يحمل وجه مصري عربي أصيل، يكفي أن تلقي نظرة على عينيه لتلمس ذلك. والأهم أنه عاشق ومتيم بتراب مصر. إنه إنسان متواضع جدا، سلس جدا، وعندما تجلس معه لا بد لك أن تنبهر به.