الدكتور عثمان أشقرا يحاوره الدكتور بوشعيب المسعودي


فازت رواية "بولنوار" للدكتور عثمان أشقرا، بالجائزة الأولى للرواية سنة 2007 وحصلت على دعم المركز السينمائي المغربي بعد كتابة السيناريو من طرف الأستاذ بلعيد كريدس وعرضها على المخرج المقتدر حميد الزوغي.

و بعد حفل توقيع رواية "بولنوار" يوم الجمعة 07 يناير2011 في خريبكة من طرف الأستاذ الجامعي والباحث السوسيولوجي الدكتور عثمان أشقرا التقيناه وسألناه

-الدكتور عثمان أشقرا في سطور...

ولدت في قرية بولنوار المنجمية وتشبعت بجو عمالي خالص بحيث عايشت وأنا طفل أحداثا نقابية وسياسية حاسمة.ومن هنا كتابة رواية بولنوار.أشتغل حاليا في جامعة عبد المالك السعدي بصفتي أستاذ التعليم العالي لمادة السوسيولوجيا.أصدرت ما يفوق عشرة كتب موزعة بين البحث العلمي السوسيولوجي والفلسفي والإبداع الأدبي من قصة قصيرة ومسرحية ورواية.

-ما هي ظروف كتابة رواية بولنوار؟

كتبت رواية بولنوار في سياق مراجعة قمت بها للتجربة السياسية والنقابية التي انخرطت فيها كعضو في حزب ا لاتحاد الاشتراكي ومناضل في صفوف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بحيث كنت مسؤولا ومنقطعا نقابيا.لقد درست الحركة الاتحادي ونشرت كتابا بعنوان الحركة الاتحادية أو مسار فكرة اتحادية.وفيما يخص التجربة النقابية كان من اللازم أن أرجع إلى الجذور وأغوص عميقا في أصول تشكل الوعي البروليتاري وطنيا وأمميا .وكانت قرية بولنوار المنجمية هي البذرة أو الفضاء الذي برز فيه هذا الوعي وتطور وهذا ما حاولت بلورته إبداعيا من خلال شخصيات وأحداث حقيقية أو متخيلة.وكان هذا رهانا صعبا حيث مزجت بين ما هو تسجيلي تاريخي وما هو تخييلي إبداعي.وأترك للنقاد تقويم مدى نجاحي في كسب هذا الرهان.

-أبدعت شخصيات مختلفة وذات رمزية مقصودة،ما مدى تأثير الواقعي أو التخييلي على هذه الشخصيات؟

ثمة بالفعل في الرواية شخصيات بسيطة عاشت بالفعل في بولنوار وشخصيات أخرى أنعتها بالمركبة جسدت في الرواية قيما بعينها.إن الواقع والذاكرة هي الخزان الحقيقي والثري الذي لا غنى لأي مبدع من أن يمتح منه.وأنا متأثر هنا صراحة بما يعرف بالواقعية السحرية التي هي خاصية الرواية في أمريكا اللاتينية.كما أن أصداء الرواية الواقعية الاشتراكية من رواية جرمينال للفرنسي إميل وزلا إلى رواية الأم لمكسيم جوركي تتردد في ثنايا رواية بولنوار.

- ما مدى تأثير العمل النضالي في روايتك؟

إن تجربتي السياسية والنقابية ملأتني زخما تراكم عبر سنوات الرصاص في الستينات والمد اليساري في السبعينات ثم مرحلة الانحسار إن لم يكن الإحباط فيما بعد.وكان من اللازم أن أجد قناة للتصريف.وهذا ما يضيق عنه البحث السوسيولوجي.فكان المتنفس هو الإبداع الأدبي.

- هل كانت ثمة صعوبات فيما يخص تحويل الرواية إلى سيناريو؟

الكتابة السينمائية مختلفة بالطبع عن الكتابة الروائية من حيث البناء والسرد واللغة.ولكن تحويل رواية بولنوار إلى سيناريو لم تعترضه صعوبات كبيرة.فأنا من قدماء الأعضاء في النادي السينمائي في خريبكة بل وكنت مسؤولا ومسيرا.وهكذا أتيحت لي فرصة مشاهدة روائع السينما العالمية.ومن هنا جاء معمار رواية بولنوار عاكسا لتأثري بهده المشاهدة التي ما أزال مواظبا عليه إلى اليوم.إن السينما غذاء روحي وفكري لا يمكن لمبدع حقيقي أن يستغني عنه.

-كيف كان تحويل الرواية إلى سيناريو مع الأستاذ بلعيد كريديس؟

اللقاء مع الفنان والممثل بلعيد كريديس لم يأت بمحض الصدفة.فهو عامل فوسفاطي سابق وابن بولنوار.لقد قرأ الرواية وهي لم تطبع بعد فأدرك بحسه البروليتاري البونواري عمقها وجدتها فحولها إلى سيناريو أقترحه على المخرج حميد الزوغي صاحب فيلم خربوشة الذي لم يتردد لحظة في قبوله واقتراحه على لجنة الدعم السينمائي.فكان القبول ضمن 17 مشروع قدمت.وعندنا الآن ميزانية محترمة لإنجاز فيلم ملحمي سيشرع في تصويره قريبا.والعمل المشترك في إعادة صياغة السيناريو الأصلي وتدقيقه متواصل بيننا نحن الثلاثة ,وهذه واقعة يلزم التنويه بها.

- كلمة أخيرة لعشاق السينما وخريبكة.

أتمنى أن ينجز فيلم يمنح الفرجة والمتعة ويقدم في نفس الوقت نموذجا لفيلم جرئ يستمد جرأته ليس من استعمال الكلام الساقط وإقحام المشاهد الجنسية الرخيصة وافتعال مواضيع تتملق لجهات فرانكفونية وصهيونية ولكن الجرأة المتوخاة هنا هي جرأة إنجاز سينما وطنية تخاطب الإنسان من حيث هو إنسان.إن رواية بولنوار تستهدف إعادة الاعتبار لتاريخ هامشي ومنسي.وهذه هي هديتي لخريبكة وقراها المنجمية حيث تعلمت أن الإنسان يمكن قهره ولكن لا يمكن البتة تحطيمه.

خريبكة/الدكتور بوشعيب المسعودي