في أنتظار أبو زيد ...ضمن مسابقة أصوات من سورية


دمشق: لمى طيارة / الجزيره الوثائقية نشر في العام 2011
في انتظار ابو زيد ، فيلم  للمخرج السوري محمد علي اتاسي ،وهو فيلم من انتاج 2011،سوري لبناني، مقدم بطريقة  " البورتريه" تدور احداثه حول الكاتب والأكاديمي المصري نصر حامد أبو زيد ، الذي سبق وان أثار جدلا كبيرا بشأن كتاباته في الفكر الإسلامي والديني ومعارضته سلطة النص المطلقة مما أدى إلى تكفيره وصدور حكم ضده من محكمة الأحوال الشخصية بتطليق زوجته منه، الامر الذي دفعه الى الرحيل مع زوجته ابتهال يونس، أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة الى هولندا ، حيث عمل استاذا للدراسات الاسلامية في جامعة لايدن.
تأتي اهمية هذا الفيلم ليس فقط لانه يقدم ويضيء جوانب من شخصية مفكر عاش مرحلة صراع وتشكليك ديني وتكفير ، وانما ايضا بسبب الظروف الانية التي تعيشها المنطقة العربية والتي يعتبر الفيلم شاهدا على عنفها .
 
يعكس الفيلم وعبر 82 دقيقة(مدة الفيلم) ، صورة انسانية غاية في الشفافية والصدق  لهذا الانسان المفكر، عبر علاقته بزوجته واحد تلامذته محمد حاكم ، و من خلال لقاءاته بجمهوره المباشر( المحاضرات) وغير المباشر( اللقاءات المتلفزة) التي اوضحت بشكل كبير ما كان يتبناه ويؤمن به  ويدافع عنه هذا المفكر   ، ويعتبر الفيلم بشكل او بآخر محفزاً لإحياء صورة أبو زيد في ذاكرة المشاهدين اللذين سبق وان سمعوا عنه أو قابلوه  ، كالجمهور السوري من الشباب الذي كان له فرصة لقائه ،او لغيرهم ممن لم يقابلوه او يسمعوا عنه ، حيث أحدث الفيلم دفعة قوية لإعادة البحث والقراءة عنه.
امتدت سنوات تصوير هذا الفيلم، لتشمل السنوات الستة الاخيرة من حياة الكاتب والمفكر نصر حامد أبو زيد، الذي وافته المنية عن عمر يناهز (67)عاما ، في مستشفى بمدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة بعد صراع مع مرض غامض أفقده الذاكرة في أيامه الأخيرة .
وحين سئل محمد على اتاسي مخرج الفيلم ، عن سبب اختياره لشخصية نصر حامد ابو زيد وسبب معالجتها بهذا الشكل ؟
 اجاب ،عندما تعرفت على الاستاذ نصر ابوزيد ، كنت ابحث عن الاب الروحي ، ولأن  أبو زيد كان يتيما ، ولم ينجب اولادا ، فقد كانت علاقته بطلابه استثنائية ، كانت خارج اطار علاقة الاستاذ بالطالب ، فهو صاحب  شخصية مميزة ، كان يُشعر الطلاب جميعا انه والدهم الروحي .أيضا في ذلك الوقت،  لم يكن لأبو زيد اي ظهور إعلامي  على شاشات التلفزون على اعتبار انه شيطان، و كنت اعتقد انني سأصنع وثيقة فريدة عن حياته وفكره ، لكنه في وقت لاحق بدأ يدعى لعدة محطات تلفزونية وبدأ يكرم كمفكر كما  شاهدتم في الفيلم.  عندما انتهيت من مونتاج الفيلم قبل موته ، ذهبت اليه  واردت ان أحصل  منه على الضوء الاخضر لعرض هذا (ا البورترية) الخاص بحياته ، لانني لولا هذه الموافقة لم أكن  لاجرؤ على عرضه ،اما بالنسبة لفكرة الفيلم فهي لم تكن واضحة بالنسبة لي ،  بداية  كنت اصور المحاضرات التي كان يلقيها من وقت لاخر ، اعتقادا مني انها لن تظهر على شاشات التلفزيون على اعتبار الاشكالية التي كانت لديه.
أما عن سبب اختياره لجوانب من حياة نصر أبو زيد دون غيرها  فأجاب قائلا: قمت بتصوير ما يزيد عن 75 ساعة خام عن أبوزيد  ، واقتطعت منها (82) دقيقة زمن البورترية او الفيلم الذي شاهدتموه ، وهذا الزمن ما هو الا وجهة نظري انا ، محمد على الاتاسي بأبو زيد ، اي ان المخرج تدخل في حياة هذا الشخص .
محمد الاتاسي المجاز في الهندسة المدنية والذي يعمل  كصحفي منذ 2000 ، لم يجد حرجا حين اخبرنا انه ليس مخرجا مؤكدا الى انه ليس بالضرورة ان يكون الانسان مخرجا ليخرج فيلم  ، او حتى شاعرا ليكتب الشعر ، ملمحا الى انه أثناء انجازه  للفيلم كان يختبىء وراء صدق وشفافية شخصية  محمد حاكم ، التلميذ الوفي لنصر حامد ابو زيد ، وأحد أهم قيادات الحركة الطلابية في مصر في الثمانينات ، الذي توفي بالسرطان عام 2007 وهو في ريعان الشباب ،وان موته  كان حافزا آخر له لإكمال الفيلم والعودة لنصر حامد أبو زيد ، بعد ان كان قد اختلف معه في الرؤيه وهو ما اظهره الفيلم في المشاهد الاخيره منه.
في الحقيقة ما ان انتهى الفيلم الا وانتابنا كمشاهدين ، شعور حزن لاننا فقدنا هذا الرجل ، المفكر والدمث ،  قبل ان يرى ويسمع ويثلج قلبه بأخبار الثورة التي قادها شباب ميدان التحرير، بل إننا كنا نشعر بين لحظة واخرى أثناء عرض الفيلم ، انه كان معهم .
 ربما كانت روحه وروح الكثيرين من امثاله، حافزا لجيل كامل من الشباب العربي .  
نصر حامد ابو زيد في سطور :ولد في قرية قحافة القريبة من مدينة طنطا بمحافظة الغربية في العاشر من يوليو/ تموز 1943، وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي عام 1960.
 
والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج من قسم اللغة العربية عام 1972، ونال من كلية الآداب نفسها درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1979 ثم عمل أستاذا زائرا بجامعة أوساكا باليابان بين عامي 1985 و1989، وعمل أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن في هولندا منذ عام 1995
من أشهر  كتبه "الاتجاه العقلي في التفسير.. دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة"، و"دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي" وهما رسالتاه للماجستير والدكتوراه. وله أيضا "مفهوم النص.. دراسة في علوم القرآن" و"الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية "و "دوائر الخوف.. قراءة في خطاب المرأة" و"التفكير في زمن التكفير" " و"نقد الخطاب الديني"  الذي كان سببا هاما في الهجوم الذي تعرض له وذلك من خلال تحليله للخطاب الديني في مستوياته واتجاهاته المختلفة ،اليميني واليساري ، السلفي والتجديدي ، المعتدل والمتطرف .