
لقراءة الخبر من مصدرهmiddle-east-online
لمى طيارة
برغم كل الظروف التي عاشتها وتعيشها سوريا ، استطاعت الدراما السورية ان تجد مكانا لها على خارطة الشاشات العربية وخاصة الخليجية منها ، ورغم بعض التخوفات التي كان يروج لها حول الامتناع المحتمل للقنوات الخليجية عن عرض أعمال سورية ، الا ان بعضا من تلك الاعمال ( والتي هي قليلة نسبيا هذا العام مقارنة بانتاج الاعوام السابقة) حازت مكانا ضمن برامج تلك الشاشات سواء الخليجية منها او المصرية او حتى اللبنانية !!! ، نذكر من تلك الاعمال مسلسل " جلسات نسائية " للمخرج المثنى صبح من تأليف امل حنا و الذي تقوم كل من قناة روتانا خليجية و mbc دراما بعرضه ، ومسلسل " الولادة من الخاصرة " للمخرجه رشا شربتجي ومن تأليف سامر رضوان الذي يعرض هو الاخر على قناة أبوظبي بالاضافة لقناة ميلودي دراما المصرية ، وهذا ما يؤكد لنا دون ادنى شك ، ان الفكرة التي كان يروج لها البعض وعلى راسهم المخرج نجدت أنزور خاطئة حيث اشار في مقال نشر له " أن هناك قراراً سياسياً قد أتخذ بشكل غير معلن بعدم شراء الأعمال السورية، وعلى الأقل عرض سعر بخس لا يتناسب مع قيمة هذه الأعمال التي عادةً يتم التهافت عليها في موسم رمضان" ولكن الدراما السورية اثبتت انها ليست بحاجة لخارطة طريق لدخول تلك الشاشات ،حتى ان عمله الاخير " في ظل الغياب" الذي يروي قصة حياة الشاعر محمود درويش يعرض على عدة شاشات عربية منها قناة الجديد اللبنانية التي وضعت عليه عبارة حصريا!! رغم ان العمل يعرض على قنوات عربيه اخرى ، مما يعني انه خضع لسوق العرض والطلب .
يبقى السؤال المحير لنا هل استطاعت تلك الحركات التي تعيشها المنطقة العربية ان تغير من مضمون تلك الاعمال الدرامية او ان ترفع من سويتها ؟والجواب يأتي بطبيعة الحال بالنفي لان ما تقدمه الدراما السورية على الاقل ، مازال يدور حول الفساد الاخلاقي والديني والمجتمعي ، فمسلسل" ولادة من الخاصرة" على سبيل المثال لا الحصر يشابه الى حد كبير مسلسل" غزلان في غابة الذئاب" الذي اخرجته رشا شربتجي منذ اعوام وعرض بدوره كوجبه دسمة في شهر رمضان الكريم ، ويبدو ان هذا النوع من الاعمال التي تحمل طابع الاثارة والعنف وتدني الاخلاق قد اصبحت مستساغة ليس فقط للكتاب والمخرجين وشركات الانتاج وانما ايضا للمشاهد العربي والسوري تحديدا، وربما يكون الجمهور قد وقع في فخ تلك الاعمال وانجذب لها .
اما مسلسل " العشق الحرام" الذي كتبه بشار بطرس وتامر اسحاق واخرجه الاخير فأنه يدور في خطه الرئيسي حول المحرمات في ديننا الا وهو " زنى المحارم" ورغم ان التيما الاساسية للعمل قد تم اخذها من فيلم ايطالي قديم يحمل اسم " الحب الحرام" الا انه ما من شك وبحسب كاتبي العمل فأن باقي تفاصيل العمل اخذت من الحياة العامة ومن قصص حقيقية، تم دمجها جميعا لخلق عمل درامي متكامل ولكنه في الحقيقة لايتناسب مع الشهر الفضيل . ورغم ان موضوع " زنى المحارم" من المواضيع المحرم التطرق لها سابقا بهذا الشكل الفاضح في الدراما التلفزيونية ، نظرا لقوانين السوق والعرض والطلب التي تحكم بيع وتوزيع تلك الاعمال للقنوات الخليجية مثلا ، الا ان كاتبي العمل لم يأخذا على محمل الجد تلك الاسواق ، حيث يشير تامر اسحاق صراحة ان" العمل يتناول العلاقات العاطفية الخاطئة والمحرمة من الناحية الأخلاقية والشرعية" ولم يراعيا حرمة هذا الشهر الفضيل وقدما عملا منسوخا عن فيلم اجنبي ، قد تكون احداثه واقعية ولكنها بعيده كل البعد عن مجتمعاتنا وثقافتنا .
اعمال لا بد من التنويه بها
يجمع ما بين تلك الاعمال صفة التوثيقية رغم التفاوت في المستوى ، و على رأس تلك الاعمال مسلسل الحسن والحسين ، وهو عمل ديني تاريخي ، تدور احداثه حول حقبة مهمة من تاريخ الحضارة الاسلامية ،وهو من تأليف محمد اليساري ومحمد الحسيان وإخراج عبدالباري أبو الخير ومن إنتاج مشترك بين عدد من الدول هي سوريا والمغرب ولبنان والإمارات والأردن ويجسد فيه خالد الغويري دور "الحسن" ومحمد المجالي دور "الحسين " رضي الله عنهما ،بينما يلعب رشيد عساف دورالخليفة الأموي "معاوية بن أبي سفيان" ، ورغم ان العمل تناول تلك الحقبة من تاريخ المسلمين بحيادية تامة كما أنه تناول الأحداث دون ميل إلى المعتقد الشيعي. إلا ان توقيت عرضه كانت سببا في الهجوم عليه ، وقد ظهرت بوادر الهجوم على هذا العمل في العراق البلد الذي يجمع في طياته الطائفتين (السنه والشيعه) ،لدرجة ان المرجعية الشيعية العليا في العراق برئاسة المرجع علي السيستاني أكدت تحفظها على عرض المسلسل خلال شهر رمضان من قبل عدد من المحطات الفضائية العربية، باعتبار أنه سيزيد من الاختلاف بين المسلمين بتعرضه لأحداث حساسة جدا في التاريخ الإسلامي . بينما حصل العمل نفسه على نسبة مشاهده عاليه في كل من مصر، الدولة التي يشكل نسبة السنه فيها العدد الاكبر من السكان بينما لاتشكل الطائفة الشيعية منها رقما كبيرا،ورغم ان الأزهر الشريف في مصر كان قد اصدر بياناً يحذر فيه القنوات المصرية من عرضه لأنه يرفض تجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية، كما أعلن أسامة هيكل وزير الإعلام المصري، رفضه التام لعرض المسلسل بعدما حرم الأزهر مشاهدته، ووجه رسالة تحذير لجميع القنوات المصرية (التي أصرت على عرضه) بالتوقف عن ذلك. الا ان العديد منها مازالت مستمره في عرضه ويلقى نجاحا جماهيريا . اما المملكة المغربية فقد بقيت القناة السادسة مستمرة في عرضه رغم تهديدات جامعة الأزهر برفع دعاوى قضائية ضد كل القنوات، التي أعلنت عن عرض المسلسل وهو ايضا من ضمن الاعمال التي تلقى رواجا كبيرا في المغرب .
مسلسل رجل من هذا الزمان مسلسل مصري من اخراج إنعام محمد علي ومن تأليف محمد السيد عيد ، يروي من خلال الدراما التوثيقية قصة حياة العالم المصري الراحل الدكتور "علي مصطفى مشرفه" أول مصري حصل على أعلى درجة فى العلوم عن أبحاثه فى الذرة والصعوبات التي واجهها في عمله إلى أن تم قتله ، ورغم ان مصر كانت قد سجلت في تاريخها الحديث بزوغ نجم العالم احمد زويل الا انها لم تكن قد انصفت العالم علي مشرفه ولم تعطه حقه، وقد رأت مخرجة العمل انه " كان محظوظا بعرضه هذا العام خاصة فى ظل حالة الحراك المجتمعى التى تعيشها البلاد عقب نجاح ثورة 25 يناير والتى جعلتنا نعيد الحديث عن أهمية العلم والعلماء ودورهما فى تقدم الأمم ورقيها، مضيفة أن مسلسلها يعد الأنسب لجمهور ما بعد الثورة والذى لن يقبل على الأعمال السطحية التى كان يسوق لها النظام السابق على حساب الأعمال الجادة". وكل ما قد نعترض عليه هو عنوان العمل ، فهذا الرجل من ذاك الزمان وليس من هذا الزمان .
مسلسل في ظل الغياب الذي كتبه حسن م يوسف واخرجه نجدة انزور ، وهو اول مسلسل تلفزيوني يروي قصة حياة الشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش الذي قام باداء شخصيته فراس ابراهيم ، وهو العمل الذي أثار زوبعه اعلامية كبيرة منذ الحلقة الاولى ولربما منذ اللحظة التي اعلن فيها فراس ابراهيم الممثل المنتج نيته في انتاج عمل عن محمود درويش يلعب فيه دور الشاعر نفسه ، فقد أبدت مؤسسة "محمود درويش" الثقافية ، والتي تهدف منذ نشأتها على نشر فكر وإبداع الشاعر الفلسطيني الكبير رفضها للعمل ، كما دعا مجموعة من المثقفين والمخرجين الفلسطينين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لوقف ذلك العمل ، ويبدو ان الرفض لهذا العمل لم يعد مقتصرا على رداءة النص والاخراج كما يقول المعارضون للعمل ، بل ان الامر يتعلق ايضا بالاداء السيء