لمى طيارة ......اسمي مصطفى خميس" فيلم يؤرخ للذاكرة الوطنية



الوصول للمحرضين يتوقف على اعترافات المتهمين ، بهذا العنوان الصحفي  يستهل المخرج  والباحث د. محمد كامل القليوبي فيلمه "اسمي...مصطفى خميس" الذي أنتجته شركة نون فيلم بمساندة سوق دبي السينمائي في العام 2013  ، وهو فيلم يخوض في واحده  من أهم القضايا غموضا  وإيلاما في تاريخ مصر المعاصر و ثورة 23 يوليو 1952  ، الا وهو موضوع إضراب عمال مصنع شركة مصر للغزل والنسيج ، بمدينة كفر الدوار الصناعية، القريبة من الإسكندرية الذي وقع بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إستيلاء الضباط الأحرار علي السلطة .

 وإستهلال المخرج بهذا العنوان الصحفي يضعنا بداية أمام سؤال هام ، فهل فعلا الوصول للمحرضين يتوقف على إعترافات المتهمين كما ورد في العنوان  ؟؟ وهل فعلا يتم سحب إعترافات المتهمين بشكل مهني وإنساني لا يعتمد على الضغط في مثل تلك الحالات من الأحداث الجسيمه  (في حال كانوا متهمين حقيقين )؟

 وبالتوقف عند  أحداث الفيلم ،  الذي يعتبر بشكل عام  بحثا توثيقيا أكثر منه فيلما تسجيليا ، رغم أنه يحتوي على أدبيات الفيلم الوثائقي في شكله الكلاسيكي المعتمد على أسلوب اللقاءات التي كانت في الفيلم ،( عباره عن شهادات الشهود  ووثائق من هنا وهناك) ، والتي تسير في نسق واحد نحو توجية الإتهام للمحكمة التي قضت على عاملين من عمال مصنع شركة مصر للغزل والنسيج «مصطفي خميس» و«محمد حسن البقري» بالإعدام وبالأشغال الشاقة والسجن لعشرات غيرهم.

ويبرر الفيلم   سرعة إجراءات المحاكمة وقسوتها والقيام بحملة تأديبية للعمال بسببد إفتقادها لأي ضمان من ضمانات العدالة، ووجود فكرة ثابته لدى المحكمة ومجلس قيادة الثورة ، تؤكد ان  وراء إضراب عمال الشركة مؤامرة دبرها أنصار النظام الملكي السابق  لإفشال الثورة ، مما دفع قوات الشرطة إلي محاصرة المصنع والقبض علي العمال ،وكان قائد الاضراب حينها عامل اسمه "مصطفى خميس" 18 عاما ، حاول منع جندي من إطلاق النار على المتظاهرين فألقي القبض عليه ،  الامر الذي نتج عنه مصادمات بين العمال وبين عناصر الشرطة أدت في النهاية لمقتل ثلاثة من رجال الشرطة .

لا نعرف السبب الذي دفع المخرج لفتح ملف غامض ظل مغلقا لأكثر من ستين عاما وأصبحت لوقت طويل أحكامه من المنسيات لدى فئة كبيرة من الشعب المصري، بينما بقي سرا دفينا وحزنا كبيرا في قلوب وذاكرة كل من عرف حقائق تلك القضية ، هل لأن هذه القضية قد سقطت بالتقادم فأجاز المخرج لنفسه الخوض بها ؟ أم أن إنجازات ثورة 1952 وحكم عبد الناصر بعدها  وما حمله من نقاط مضيئة ،  كتأميم قناة سويس وأنشاء السد العالي ، وإجلاء القوات البريطانية عن مصر والمناداة بالوحدة العربية كانت سببا في التغاضي عن تلك الحادثة ، ثم جاءت ثورة مصر 30 يناير 2011 لتنبش  تلك القضية ، وتعيد للعمال حقوقهم في الاضراب وامجادهم التي فقدوها بعد تلك المحكمة ؟
وهل فعلا نتائج البحث التي توصل لها المخرج صحيحة تماما وسيستقبلها الجميع على أنها مسلمات ووقائع ومستندات جديدة ستغير من الذاكرة الوطنية لدى الشعب المصري   ؟

كل تلك الاسئلة تدفعنا لجواب واحد، مهما كان الهدف من وراء هذا الفيلم لا يمكننا إعتباره باي شكل من الاشكال مجرد فيلم توثيقي سيمر مرور الكرام ، بل علينا التعامل معه بإعتباره وثيقة قيمه وتاريخية وذاكرة وطنية ، لا بد من الوقوف عندها والتفكير مليا فيما جاء فيها .