في وداع حاتم علي ..أيقونه الدراما السورية

 



فجع الوسط الفني  صباح الثلاثاء 29 ديسمبر بوفاة المخرج السوري الكبير حاتم علي ، الذي توفته المنية عن عمر58 سنه أثر نوبة قليبه اصابته ، ليلقى هذا الخير بظلاله على قلوب محبيه واقاربه مزيدا من الحزن،  وليشكل صدمه لكل من تابع اعماله واحبه واحبها  .


لمى طيارة / العرب 

قبل عدة شهور كنا نحضر لكتاب حول فلسطين في السينما العربية ، وكنت أحاول ان اضيف للكتاب  كل التجارب الدرامية الإنسانية التي قام بها المبدعون العرب ، ولان التغريبة الفلسطينية يعتبر واحداً  من الاعمال الدرامية الخالدة التي لا يمكن ان تنساها الذاكرة، تواصلت مع المخرج حاتم علي لأطلب منه مشاركة تتضمن تجربته الشخصية في مسلسل التغريبية الفلسطينية ، لكن الظروف لم تسمح بسبب انشغاله و تأخره في تلبية الطلب، فلم تنضم مداخلته للكتاب،  رغم موافقته ورغبته الحقيقية والصادقة بالمشاركة.  

بدأت علاقة حاتم علي بالدراما بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية من قسم التمثيل ، حيث شارك في عدة اعمال درامية تلفزيونية ، كان أهمها في تلك الفترة مسلسل هجرة القلوب الى القلوب المسلسل الذي قدمه للجمهور السوري كممثل ربما ليس للمرة الأولى ولكن بدور مختلف ،  كتب العمل عبد النبي حجازي رحمه الله، واخرجه هيثم حقي ، ولعبه فيه حاتم علي دورا لا يشبهه ابدا، لدرجة ان البعض كان يستبعد ان يحقق ذلك الشاب اللطيف والوديع نحاجا فيه  ، لكنه امام الكاميرا كان ممثلا بارعا ، اثبت موهبته التي فتحت له الباب على مصراعيه .

لاحقاً شارك في عدة اعمال تلفزيونية سواء مع مخرجين مخضرمين لهم باعهم ، كما غسان جبري وهيثم حقي ومأمون البني ، أو مع مخرجين شباب دون أي تحفظ أمثال رامي حنا، وكان من اهم أعماله كممثل  الكابوس ، الخشخاش، قصة حب عادية ، أحلام مؤجلة ، عصي الدمع وغيرها .

لكن حاتم علي لم تستهويه كثيرا لعبة الممثل اما الكاميرا، بقدر ما جذبه دور المخرج الذي يقبع خلف الكاميرا، فبدأ بخوض تجربة الإخراج تدريجيا منذ منتصف التسعينيات وكان من اجمل ما فدم في تلك الفترة مسلسل (الفصول الأربعة) الذي مازالت بعض القنوات السورية تعيد عرضة بين فترة وأخرى ، وكان من بطولة نخبة كبيرة جدا من نجوم الفن السوريين ، نذكر منهم خالد تااجا  جمال سليمان ، سليم صيري، سلمى مها المصري ، يارا صبري ،ليلى جبر ، اندرية سكاف ، ورامي حنا .

ذم بدأ يلمع في الاعمال التاريخية فقدم على سبيل المثال مسلسل الزير سالم وصقر قريش وصلاح الدين الايوبي وربيع قرطبة وغيرها ، ثم أتجه الى مصر في العام 2007 ، ليقدم مسلسل الملك فاروق ، وكان له السبق في تقديم الاعمال التي تضم نجوما عرب جنبا الى جنب مع النجوم السوريين ، نذكر من تلك الاعمال مسلسل الفاروق (عمر) الذي صور جزء كبير منه في المغرب ،ومسلسل الزير سالم، والتغريبة الفلسطينية الذي كتبه الأردني وليد سيف ، والذي يعتبر واحدا من اهم الاعمال الدرامية التي تحكي الوجع الفلسطيني والتي اجزم انها لن تكرر مرة أخرى ، لا بتلك الخصوبة في السيناريو ، ولا بتلك العذوبة من حيث الاخراج، ولا بكل ذلك التجمع الضخم والهائل لاهم نجوم الدراما العربية حينها .

 كما  يعتبر حاتم علي  المخرج السوري الأول الذي أمن بأهمية الماكيير في الاعمال الدرامية وخاصة التاريخية منها، فقام باستقدام اهم مصممي المكياج في ايران لمساعدته في تنفيذ معظم أعمال التاريخية .

صحيح ان حاتم علي ، كان خريج مسرح، بحكم انه لا يوجد في سوريا معاهد للسينما ، الا انه تجربته المسرحية كانت محدودة للغاية ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ولكنها كانت تجارب مهمه سواء على صعيده كممثل او مخرج او حتى كمشارك في التأليف ،

لكنه ظل لسنوات أثير حبه للسينما ، وكان يتمنى في كل عمل درامي تاريخي كبير يقدمه ان يحوله لفيلم سينمائي لاحقاً ،  الأمر الذي كان يدفعه في مرات كثيرة لاستخدام كاميرات السينما ، مع كل ما تعنية تلك الخطوة من صعوبة بالنسبة للمخرج، ولكنه لم يقم باستقطاع ايه أجزاء من تلك الاعمال لتحويلها الى فيلم سينمائي كما كان ينوي .

رغم ذلك  اخرج  عدة أعمال سينمائية كان من أهمها عملا بعنوان (سيلينا) من نوعيه الميوزيكل ،  من تأليف الرحابنه ومن انتاج نادر اتاسي ، ولعبت بطولته الفنانة اللبنانية ميريام فارس.

اما الفرصة السينمائية الحقيقية ، فكانت في العام 2008 ، حين أخرج الفيلم الروائي الطويل (الليل الطويل)  من بطولة كل من خالد تاجا وهو الفيلم الذي كتبه المخرج هيثم حقي ، واستطاع الفيلم ان يشارك في عدة مهرجانات سينمائية عربية وأجنبية ونال بعض الجوائز .

حقق حاتم علي شهرة واسعه  وسمعة طيبة ، في مجال الدراما كمخرج وكاتب ، الأمر الذي دفعه لتأسيس شركة للإنتاج الفني في دمشق ، فقام بإنتاج مجموعه اعمال درامية نذكر منها ، مسلسل علاقات شائكة وطوق الياسمين وغيرها ، وكان مؤخرا بصدد انتاج الفيلم الروائي الطويل الأول لنجلة عمرو علي ، الذي حصل على منجه أخيرا من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن النص الذي كان قد كتب السيناريو له .

بعد الاحداث الدامية في سوريا ، انتقل وعائلته ، زوجته المحامية وخريجة قسم التمثيل  دلع الرحبي وأولاده للإقامة بشكل مؤقت في القاهرة، وقدم خلال اقامته وقبل ان ينتقل للعيش في كندا ، عدة أعمال درامية هامة كان أحدثها مسلسل (كأنه مبارح ) من بطولة رانيا يوسف و (أهو ده الي صار) من بطولة سوسن بدر .

يبقى حاتم رغم رحيلة أيقونه من ايقونات الدراما العربية وليس فقط السورية، وواحدا من أهم الشخصيات السورية اخلاقا ودماثة واحتراما، وبرحيلة هذا ستخسر الدراما العرية رائدا من روادها .