لمى طيارة ...مهرجان اسكندرية السينمائي لدول المتوسط ..يحتفي بالمخرج الكبير علي بدرخان ويصدر عنه كتابا

 


انتهت منذ أيام فعاليات الدورة 37 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط الذي استمرت فعالياته من 25 سبتمبر لغاية الثلاثين منه ، وكانت دورة هذا العام قد أهديت للفنان والمخرج الكبير علي بدرخان 

وتضمنت  أربعه مسابقات فإلى جانب مسابقة أفلام دول البحر المتوسط ومسابقة الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة أعيدت مسابقة نور الشريف الخاصة بالفيلم العربي ، واستحدثت مسابقة جديدة هذا العام لأفلام الطلبة .

وكان لهذا العام حضور كبير للأفلام العربية وخاصة من المغرب وسوريا وتونس ، فلقد شاركت السينما السورية  بخمسة أفلام منها أربعة روائية طويلة وواحد  قصير، بعضها مشارك في المسابقتين العربية والدولية كفيلم المخرج عبد اللطيف عبد الحميد المعنون (الإفطار الأخير) والذي حصل على جائزة وحيد حامد لأفضل سيناريو في المسابقة العربية ، وهو فيلم من بطولة كنده حنا وعبد المنعم عمايري وتدور أحداثه حول رجل يفقد زوجته أثناء الاحداث الأخيرة في سوريا، لكن طيفها لن يتركه وسيلاحقه ولأنه مجبر على تلبية طلبات زبائنه من الشخصيات العامة التي لها وزنها ، يضطر مجبراً لمتابعة عمله (ترزي - خياط )  رغم ألمه وحزنه الشديد ، الأمر الذي سيشكل عبئاً اضافياً عليه على صعيد نفسي وجسدي ، انه فيلم كما يقول الناقد العراقي مهدي عباس مكتوب كقصيدة شعرية .

 استطاع عبد اللطيف عبد الحميد على الرغم من سوداوية القصة ان يجعلها طريفة وربما اقرب الى (اللايت كوميدي) ساعده على ذلك الأداء المتميز للفنان عبد المنعم عمايري الذي جسد دور العاشق المجنون المغلوب على أمره بكل رعونه وسلاسة، ويعتبر الفيلم  اشبه بعودة لأفلام عبد اللطيف في فترة التسعينيات ، ذات الطابع الرومنسي البسيط كما فيلم (رسائل شفيهة)  فلا تكلف فيها  ولا اقحام في التفاصيل .

أما الفيلم السوري الثاني المشارك في المسابقتين فكان للمخرج الشاب أوس محمد بعنوان (الظهر الى الجدار) وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج ، والذي حصل عنه بطله أحمد الأحمد على جائزة التمثيل من قبل لجنتي التحكيم العربية والدولية وهذا ان دل على شيء فهو يدل على الإمكانيات الفنية التي يتمتع بها الفنان أحمد الأحمد وعلى الإدارة الجيدة من قبل المخرج الشاب ، والفيلم الذي كتبه أوس محمد المخرج ليكون أيضا ضمن نطاق سينما المؤلف كتصنيف فني  تدور أحداثه حول الدكتور قصي الذي يعمل في الاعلام والذي ستتغير حياته بعد ان يعرف يما حل بصديق طفولته فيبدأ بدور رحلة اكتشاف الذات .

أ


ما الفيلم السوري الثالث المشارك ولكن فقط في المسابقة العربية فكان فيلم (المطران) للمخرج باسل الخطيب وهو الفيلم الذي جسد فيه الفنان رشيد عساف المرحلة المتقدمة من حياة المطران ايلاريون كبوجي ، تحديداً المرحلة التي عاشها في المعتقل والتي عانى خلالها  شتى أنواع العذاب والمعاناة  كل ذلك دون ان يتنازل عن مواقفه الوطنية والإنسانية ، وقد حصل الفيلم بدوره على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وكان للحضور المغربي طعم خاص في دورة هذا العام سواء ضمن لجان التحكيم أو ضمن المسابقات الرسمية ، فلقد شاركت المغرب بثلاثة أفلام روائية طويلة ، فيلمان منها شاركا في كلتا المسابقتين،الأول فيلم بعنوان       (مرجانه ) للمخرج جمال السويسي من بطولة هناء البواب وعبد الله بن سعيد وحصل على جائزة أفضل فيلم ، والثاني فيلم (أناطو) للمخرجة فاطمة بوبكدي من بطولة مونا نداي ونيسيا بنغازي وحصل مدير تصويره على جائزة محمود عبد العزيز، أما في المسابقة العربية فلقد شارك فيلم (جرادة مالحه ) للمخرج ادريس رخ  من بطولة منى رميكي وعدنان موهيا ونال عنه جائزة أفضل اخراج .

 ونالت السينما التونسية عن فيلم (الهربة) للمخرج  الشاب غازي زغباني  جائزة أحسن تمثيل لبطلته ناديا بوسيتا

وتدور احداث الفيلم حول متطرف شاب يحاول الهرب من الشرطة فتنقذه عاهرة،  يحاول الفيلم التعرض للتناقضات التي سيتعرض لها ذلك المتطرف المختبئ في بيت دعارة.

أما مصر البلد المضيف فلقد شاركت  بفيلم روائي طويل واحد ضمن المسابقة الدولية بعنوان (وجه القفص)، في اشاره إلى الازمة التي تعيشها السينما المصرية في ظل تعدد المهرجانات المصرية وضعف الإنتاج، والفيلم يعتبر تجربة فريدة ومميزة لمخرجته ومنتجه دينا عبد السلام التي قامت بكتابته إلى جانب أشرف مهدي بطل الفيلم والممثل المحترف الوحيد فيه إلى جانب مجموعة من الوجوه الجديدة والتي تخوض تجربة التمثيل ربما للمرة الأولى ، ورغم ان الفيلم كان المشاركة الوحيدة لمصر وقد لاقى استحسانا كبيرا وخاصة من قبل الجمهور الاسكندراني الذي حضر بكثافة ملحوظة مما اضطر إدارة المهرجان لتعديل قاعة العرض وبرمجته لأكثر من ثلاثة مرات، إلا انه لم يحظ  بأية جائزة من لجنة التحكيم التي ضمت في عضويتها أعضاء أجانب ربما لم يجدوا في مضمونه ما هو ملفت مقارنه بالأفلام المشاركة والتي طرحت في معظمها قضايا تتعلق بضحايا الحروب والتطرف وغيرها ، فأحداث الفيلم تدور حول مجموعه اشخاص من فئات اجتماعية مختلفة تضطرهم الظروف للمشاركة معا في جمعيه  بهدف كسب المال بطريقة سهلة ومشروعه،  لكن آمالهم ستنهار وسيتحولون للصوص صغار عندما تموت واحدة منهم بعد ان حصلت على حصتها من المبلغ ، والمخرجة دينا عبد السلام كاتبة ومنتجه اسكندرانية لديها مجموعه أفلام نذكر منها (ألف رحمه ونور ، مستكة وريحانه، كان وأخواتها) كانت قد أنجزت معظمها على طريقة  السينما المستقلة ضمن ميزانيات متواضعة ونالت عنها جوائز عدة .

اما الفيلم الذي نال أعجاب لجنه التحكيم الدولية بالأجماع  وحصل على اكبر عدد من الجوائز فكان الفيلم البوسني (هذه الليالي المظلمة) للمخرج فرانسوا ليونيل، وهو فيلم هام جدا تدور أحداثه حول سراييفو من العام1993 فترة الحرب، حيث تعتبر تلك الفترة واحدة من أسوأ فترات الحياة التي عاشتها سيراييفو والحصار الأطول في تاريخ الحرب الحديثة حيث لا ماء ولا كهرباء ، ووسط هذه الظروف القاسية تفقد سيدة عشرينية زوجها لتبقى وحيدة برفقة طفلها ، ورغم انها تحاول مرارا الصمود في تلك الظروف الصعبة إلا انها في النهاية تحاول الهرب والنجاة بحياتها وحياة طفلها إلى منطقة خالية من الحرب، حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل سيناريو ، والجدير ذكره انها ليست المرة الأولى التي يتطرق فيها كانب ومخرج الفيلم فرانسوا ليونيل لحصار سيراييفو ، فلقد سبق له وان قدم عن الموضوع فيلماً وثائقياً بعنوان (مواليد البوسنه1993).

ونال الفيلم الاسباني ( هذه كانت الحياة) للمخرج دايفيد مارتن وهو فيلم هام جدا تدور احداثه حول قصة إنسانية لسيدتان تجمعهما الاقدار في غرفة المشفى لتنشأ بينهما صداقة ستغير حياتهما لاحقاً ، وهو أيضا الفيلم الأول للمخرج ولقد سبق له وان عرضه في عدة مهرجانات دولية مثل مهرجان طوكيو السينمائي وكان من ضمن الاختيار الرسمي لمهرجان اشبيلية السينمائي الأوروبي  وحصل على جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثلة من قبل مهرجان ASECAN، .

في حين ذهبت جائزة لجنه التحكيم الخاصة للفيلم الفرنسي (الليل مكاننا) ، ونال الفيلم السلوفاني (طريق مسدود) جائزة أفضل اخراج .

وكانت لجنه تحكيم مسابقة الأفلام العربية قد ضمت في عضويتها الى جانب رئيسها الفنان المصري محمود قابيل كل من المخرج التونسي فتحي الهداوي والممثلة المصرية هاله صدقي والناقد والمؤرخ السينمائي العراقي مهدي عباس الى جانب المغربية التي تشغل منصب المديرة الفنية لمهرجان الرباط ملك دهموني ، أما لجنه التحكيم الدولية فضمت المنتجة الإيطالية إنغريد ليل هوجتون، والمخرج الفرنسي أوليفيه كوسيماك الذي سبق وان حصل على جائزه أفضل فيلم من مهرجان الاسكندرية في العام 2019 ، والممثلة الاسبانية كارلا نيتو والمخرج السوري جود سعيد الذي تغيب عن الحضور الى جانب المخرج المصري سامح عبد العزيز.

وكان مهرجان الإسكندرية قد احتضن هذا العام المؤتمر الأول للسينما العربية تحت شعار قضية الإنتاج العربي المشترك ، والمؤتمر الذي نظمه الاتحاد العام للفنانين العرب وكان مقرره ومؤسس دورته الأولى  الدكتور ياقوت الديب قد تضمن محورين أساسيين ، الأول حول الإنتاج السينمائي المشترك والثاني حول واقع الإنتاج المحلي والمأمول منه ، وشارك فيه من مصر كل من الدكتورة الناقدة أمل الجمل الى جانب الناقدة ماجدة موريس بينما شارك من سوريا الناقدة الدكتورة لمى طيارة وشارك من المغرب الدكتور المخرج حسن الروخ والناقد العراقي إبراهيم نعمه الى جانب الدكتور المخرج خالد الزدجالي من سلطنه عمان ، وتوصل المؤتمر الى مجموعة من النقاط حول إشكالية الإنتاج السينمائي المشترك على صعيد عربي عربي أو عربي أوروبي كما في التجربة التي قدمها الدكتور رخ، بينما قدمت الدكتورة أمل الجمل الحاصلة على ماجستير برسالة حول الإنتاج المشترك رؤيتها حول الأفلام التي يتم تبنيها أوروبيا سواء للإنتاج المشترك أو حتى للمشاركة في المهرجان ، بينما قدمت كل من لمى طيارة وماجدة موريس رؤيتهما حول الإنتاج المحلي والمأمول منه لاحقا .

يذكر ان مهرجان اسكندرية لهذا العام كان قد كرم كل من المخرج والمنتج والكاتب التونسي عبد اللطيف بن عمار  الى جانب الممثل السوري دريد لحام، واصدر العديد من الكتب الهامه وفي مقدمتها كتاب الثائر للناقدة ميرفت عمر والذي يدور حول المخرج الكبير علي بدرخان الى جانب كتاب عن الفنان المصري خالد الصاوي بعنوان وجوه وهوامش ، وكتاب عن الفنانة سلوى خطاب بعنوان حياتي رحلة فن ، وكتاب عن المخرج المصري عمر عبد العزيز أعده الناقد أحمد سعد الدين ، وكتاب عن الناقدة المصرية خيرية البشلاوي أعدته انتصار دردير وهي المرة الثانية التي يهتم بها المهرجان بإصدار كتاب تكريم عن ناقده بعد كتاب (نعمه الله حسن عيون عربية على السينما الأوروبية) ، بالإضافة لإصدار كتابين أحدهما عن مدير التصوير طارق تلمساني أعدته شقيقته مي التلمساني والأخر كتاب عن أيقونه الرومانسية كوثر هيكل أعدته ابنتها سماح أبو بكر عزت .