اسمهان , عاصفة فنية , رحلت مبكرا




دمشق/ نضال قوشحة

اسمهان . املي , آمال , ايميلي , تعددت الاسماء , و الشخص واحد ابدا , إنها المطربة اسمهان السيدة التي كانت مفصلا مهما في تاريخ الفن العربي , و شخصية محورية في جملة من التفاصيل اليومية التي عاشها محيطها , العائلي والوطني والسياسي والفني .
حياة قصيرة امتدت على مدى ست وعشرين عاما , حفلت بالحدث الاجتماعي والفي والسياسي والعاطفي وغيره.
كانت اسمهان وهي تحمل شموخ روح الجبل عاصفة من الحضور الطاغي الذي لم يهادن احدا ولم يذعن حتى للمحرمات الاجتماعية البالية التي حاولت اسرها . فتمردت عليها , وصارت لغزا وقدوة تحتذى في حياة الفن العربي .
حولها حيكت الكثير من الروايات والقصص . وألفت التراجم والسير . حول كل ذلك ورغبة من موقع سينما سومر . بالقاء الضوء على المزيد مما لم يعرف عن حياة اسمهان . كانت لنا هذه الوقفة مع الكاتب ممدوح الاطرش . وهو من ابناء عمومة السيدة اسمهان وهو الذي كتب مسلسل اسمهان الذي يصور الان بين سورية ومصر , وكذلك كاتب فيلم اسمهان .


* سنتحدث عن الخلفية الحياتية لاسمهان التي وصلت بها الى ما وصلت اليه , ما هي المكونات العميقة في الجذر الطفولي للسيدة اسمهان ؟
** في العام 1918 قامت الثورة العربية ضد الحكم العثماني . وخلال هذه الفترة تم تحرير دمشق, وقد دخلتها قوات عربية رفعت فيها العلم العربي بدلا من العلم العثماني , بعد احتلال دام مئات السنين . وقد كان من بين القادة الذين قاموا بذلك سلطان باشا الاطرش . الذي كان ابن عمه فهد الاطرش حاكما في ولاية ديمرجي في تركيا . فاراد الاتراك النيل منه انتقاما من سلطان باشا . ولكن ضابطا عربيا اخبره بنية تركيا في اعتقاله . ففر فورا مع ولديه فؤاد وفريد وزوجته الحامل في شهرها الاخير . إلى ميناء ازميرحيث ركبوا في سفينة يونانية وغادروا في آخر لحظة . في البحر هبت عاصفة هوجاء كادت تغرق السفينة ، وهناك راح الاب يتضرع للنجدة الألهية . وهنا جاء المخاض للسيدة علياء المنذر والدة اسمهان . وولدت ابنتها , ونقل الخبر للأب فسمى ابنته أملي . وهو الاسم الرسمي لها . ووصلت السفينة الى بيروت . واستقرت الاسرة فيها فترة من الزمن , الى أن اشتعلت الثورة في جبل العرب مجددا بعد حادثة ادهم خنجر , وانضمام فهد الاطرش للثورة في جبل العرب , وقد رفضت والدة اسمهان الذهاب للعيش في الجبل خوفا على اولادها . وبقيت معهم في بيروت . بعد فترة اسر المجاهدون في جبل العرب طياران فرنسيان . فخاف الجنرال غورو على مصيرهما , فاراد ان يرتهن اسرة فهد الاطرش في بيروت , وقد تسرب الخبر اليها قبل وصول القوة الفرنسية . فهربت باولادها لمدينة حيفا . ومنها الى مصر . حيث دخلتها بمعية سعد زغلول القائد الوطني المصري , وكانت اوضاعها جيدة . لكن سعد زغلول نفي بعد فترة . وساءت امورها بعده , وصارت تعمل في الحياكة وأحيانا في احياء الحفلات الفنية العليا . ذلك انها كانت تمتلك صوتا جميلا . تعرفت هنا على الجو الفني في مصر , وبدات مواهب فريد بالظهور , وتعلم الموسيقى على أيدي الموسيقار رياض السنباطي . في هذه الفترة كان فؤاد يعمل في مخبر لصناعة الاسنان وفريد يوصل الاغراض في متجر في القاهرة . وقد درسوا في المدرسة الفرنسية , بعد ان غيرت الام اسم العائلة الى كوسا خشية ان يعلم الفرنسيون بحقيقة نسبهم . وفعلا لما علم مدير المدرسة ذلك طرد الاولاد من المدرسة بحكم وجود آل الاطرش في حركة المقاومة للاحتلال الفرنسي في سورية ولبنان .
عندما بدأ فريد بالغناء , تعرف على أكابر أهل الفن في مصر , وحدث ذات مرة أن كان في ضيافته الموسيقي داوود حسني . الذي سمع اسمهان وهي تغني في البيت , فطلبها للغناء امامه , وتوقع لها شأنا وسماها اسمهان تيمنا بمغنية فارسية اسمها اسمهان من مدينة اصفهان .

• ربطت أسمهان علاقة متوترة ببيئتها وعائلتها نتجية هذا التوجه , حدثنا عن ذلك ؟
** العائلة لم تقبل في البداية بأن تغني اسمهان . فأخوها فؤاد عارض بشدة ووضع كل العراقيل في وجه حياتها الفنية , ولكن فريد دعمها , وكذلك والدتها , الامر الذي دفع بفؤاد للاستنجاد بالعائلة في الجبل لحل الموضوع . ذلك أن الجو الاجتماعي حينذاك كان يعتبر الفن منقصة اجتماعية خاصة على النساء . فكلم بشانها الامير حسن الاطرش أمير الجبل . فتحمس للامر وقدم معه للقاهرة . فلما شاهد اسمهان وقع في حبها بشكل عنيف وقرر الزواج بها , وهذا ما تم فعلا , وعادت معه للجبل , وكان عمرها 14 عاما لتكون اميرة على الجبل , وقد دام زواجها ست سنوات . ولدت خلالها ابنتها كاميليا .
في هذه الفترة نضج وعيها السياسي من خلال احتكاكها مع جميع قيادات وفعاليات الثورة في سورية ولبنان , بحكم كونها زوجة أمير الجبل , وكانت المرأة الاولى في تاريخ المنطقة التي تجلس مع قادة الوطن في مجالس الرجال تسمع منهم ويسمعون منها . وكانت صاحبة حضور طاغ وصارت محبوبة من الجميع .
بعد فترة حنت لحياة الفن فذهبت مجددا للقاهرة , حيث رفضت العودة للجبل . وهددت بالإنتحار فيما لو اجبرت على العودة . فتركها الامير حسن لشانها . وصنعت في هذه الفترة مجدها الغنائي السينمائي , فغنت خمسين أغنية وصلنا منها أربعين .
* هنالك خفايا عن علاقة متوترة جمعتها بالقصر الملكي في مصر ؟

** صحيح . فأسمهان كانت سيدة لها حضور طاغ , وقد احبها معظم الرجال الذين شاهدوها , وكان منهم أحمدحسين باشا رئيس الديوان الملكي , الذي كانت تربطه علاقة خاصة مع الملكة نازلي ام الملك فاروق , التي اصابتها نار الغيرة من اسمهان , وقد حاكت لها الكثير من المكائد , التي حاولت من خلالها طردها من مصر, وقد استطاعت ذلك لفترة . إضافة لهذا ,فإنه من الثابت أن الملك فاروق نفسه كان من عشاقها , وقد كان يعلم بالحرب الخفية بين امه وبينها . فحدث مرة انه ذهب الى الاسكندرية . وطلب من مراد باشا رئيس الخاصة , أن يذهب لأسمهان ويخبرها برغبة الملك بقدومها اليه في قصره بالاسكندرية , لكي يمنحها لقب أميرة , وينهي بالتالي مشاكل اقامتها في مصر . لكنها ردت على مراد باشا . " قل للملك بتاعك أنا اميرة قبل ان يكون هو ملك " . وهذه حادثة موثقة نقلها اكثر من مصدر .

• الموضوع الأكثر جدلا في حياة اسمهان هو دخولها معترك السياسة , كيف دخلته اسمهان وما هي توجهاتها فيه ؟

** الوضع السياسي في سورية و لبنان كان في فترة الحرب العالمية الثانية في منتهى التأزم والتداخل . حكومة فيتشي في فرنسة تعاونت مع دول المحورخاصة المانية . وديغول يشكل التيار الفرنسي المتحالف مع بريطانية ضد الالمان وفيتشي . وهم يرغبون بدخول سورية والقضاء على حكومة فيتشي في سورية . ولكن هناك قوة عربية قوامها 36 الف مقاتل في جنوب سورية والحلفاء لايريدن قتالها . وهم يطلبون ان تكون على الحياد في حرب هؤلاء ضد جيش فيتشي في سورية .
لذلك اجتمعت قيادة الحلفاء في مقر السفارة البريطانية في القاهرة 21\3\1941 وقرروا الاستفادة من شخصية عريية نافذة في تلك الايام لها حضور شخصي وفني وسياسي على الجميع . بحيث تكون سفيرا فوق العادة لتطلب من هذه القوة العربية ان تكون على الحياد في حرب الحلفاء ضد جيش فيتشي مقابل ضمان اعلان استقلال سورية ولبنان وكانت هذه الشخصية اسمهان . قبلت أ سمهان السفارة وذهبت الى دمشق ونقلت الرسالة . وهذا ما حدث فعلا , فدخل الحلفاء سورية بدون حرب مع القوة العربية . وانتصروا على جيش فيتشي , واعلن ديغول من على مدرج جامعة دمشق استقلال سورية ولبنان .
وصار لأسمهان اسم هائل ومدوي وصارت الشخصية التي لامثيل لها في المنطقة . ولكن بعد فترة تتضح المشاريع التقسيمية التي يعدها الفرنسيون والبريطانيون لسورية ولبنان . وتشعر اسمهان بالمكيدة التي صنها هؤلاء . فتنقلب عليهم . وتقسم على النيل منهم . وعبر صحفي امريكي اسمه فورد يعمل مع الالمان تتصل بقيادات المانية . وتذهب برفقته الى استامبول وتطالب بدخول قوات ألمانية لدحر الحلفاء هنا يقبض عليها وتنقل لبيروت , بينما يعدم الصحفي الامريكي . فيهربها احدهم الى القدس . وهناك تتعرف على أحمد سالم وهو فنان مصري . تتزوجه وتتفق معه على انتاج فيلم في مصر . وتعود لمصر كونها زوجة مصري وبموجب عقد العمل .
وتصنع فيلم غرام وانتقام . وفي مشاهده الاخيرة تمرض . فتطلب استراحة . وتكون مغادرة مع مرافقتها في السيارة , يقوم السائق بحرف السيارة عن مسارها لتقفز في الماء ويقفز هو خارجا بينما تغرق اسمهان ومرافقتها . فتموت في الماء كما ولدت فيه . بعد حياة استمرت ست وعشرين عاما .
• كباحث في حياة اسمهان , من برأيك الذي قتلها ؟

** الامور متداخلة .هنالك ست فرضيات حول ذلك . شخصيا راجعت محاضر الشرطة في تلك المرحلة . وعرفت ان التحقيق اغلق بناء على اوامر عليا . تابعت الموضوع فعرفت أن السائق الذي فعل ذلك يعيش في مدينة اربد بالأردن . فذهبت وراءه للتعرف على بعض المعلومات . لكنه عرف بوجودي واعتقد اشياء اخرى فهرب مني ولم اجده حتى الان وهذا الامر حدث وانا اعد لمشروعي الفني قبل ثلاثة سنوات .

• تحتفظ بالكثير من المعلومات وحتى الوثائق والاغراض الشخصية عن اسمهان , حدثنا عن ذلك ؟

** شخصيا اهتم جدا بموضوع اسمهان . وقد قمت بحملة من البحث والتدقيق عن اغراضها ووثائقها استمرت لست سنوات . وعندي في بيتي الكثير من الحوائج الشخصية لها . مثلا هناك الوثيقة الخطية الوحيدة التي بقيت وهي مكتوبة بخط يدها . تكتب فيها بعض الحوائج المنزلية التي تريد شراءها .
كذلك نسخة أول عقد وقعته مع إذاعة القاهرة . وسريرها الذي كانت تنام عليه وطاولة طعامها الفاخرة . على ان أطرف ما هنالك كان خزنتها التي جاء بها زوجها من ايطالية , كهدية لها لكي تضع بها مجوهراتها , وقد تركتها عندما ذهبت للقاهرة . وحدث ان سجن الامير زيد ابن الامير حسن سياسيا في فترة لاحقة فجاء بالخزنة للسجن . وعنما خرج تركها وبقيت تدور في عدد من السجون السورية مدة ثمانية وستين عاما الى ان حظيت بها اخيروهي لدي الآن

• حدثنا عن فيلم اسمهان ؟

** اسمهان شخصية قدرية , كانت حياتها قصيرة ومفعمة بالاحداث . هي شخصية اشكالية غير اعتيادية , ولو اراد كاتب صناعة شخصية دراماتيكية تعصف بها الاحداث والتقاطعات لما صنع افضل من حياة اسمهان . كنت مؤمنا دائما بان حياة هذه السيدة تحمل دلالات انسانية تعني البشر جميعا . لذلك كان طموحي ان نتجاوز بها المنطقة العربية عبر انتاج عالمي . لذلك توجهنا نحو انتاج فيلم سينمائي عالمي . سيكون انتاجا ضخما . حيث ستبلغ كلفته ما يقارب المائتي مليون دولار . وسيتشرك به عشر فنانين عالميين وعشر من الفنانين العرب . إضافة لطواقم عمل عالمية محترفة . الامور شبه جاهزة ستدور الكاميرا خلال شهرين من الآن . وسيكون ان شاء الله فيلما عالميا هاما .
* كيف تنظر إلى اهمية دور اسمهان الفني وقيمتها في محيطها الفني وحتى السياسي ؟

** مازالت أغاني " أسمهان"، وأشرطتها، تمثل مصدرا للخيال العربي، وللحلم العربي، ومازالت أغانيها، اختبارا لمدى أهمية الأصوات العربية الجديدة ، بالرغم من مرور قرابة قرن على موتها، الموت الغامض، الذي حدث وكان عمرها 26 عاما، فيما البحث الموسيقي، وفي كل أكاديميات الموسيقى العربية ومعاهدها ، مازال يكتشف خصائص جديدة لهذه المغنية " اللغز"، التي عاشت حياتها على حواف المتناقضات ، بحيث وازت سيرتها الذاتية في أهميتها ، وانشغال الناس بها ، ما لأغانيها من أهمية ، حتى باتت جزءا من الخيال الروائي ، للكثير من المؤرخين الهواة كما المؤرخين الموثوقين ، كما صحفيون يبحثون عن موضوع غلاف يرفع من مبيعات مجلاتهم بعد تثبيت صورتها على الغلاف.

السيرة السياسية لأسمهان، وقد باتت في الخيال الشعبي العربي ، سيرة مرتبطة بالجاسوسية ، قد لا تكون هي العنصر الأهم في حياتها ، فحياة أسمهان ، هي التنقل بين كل المتناقضات ، حياة كان يمكن وصفها بأنها :" أكثر مما يجب ، وأعمق مما يجب" ، وهي الأكثر اقترابا في عوالمها الداخلية الى الشخصية التي تحمل الكثير من ملامح السؤال الفلسفي ، السؤال الذي يقود الى العبث ، تماما كما حال :" هاملت شكسبير"، أو :" راسكولينوف دستيوفسكي"، أو :" غريب البير كامو"، وهي تتأرجح مابين ذروة القمة ، وقاع الحضيض ، ودائما يحدث مايحدث ، ربما وهي تطارد سؤالها في أن :" تكون أو لاتكون".

السيرة الذاتية لأسمهان ، تحمل مفارقات ربما سيكون القدر، أكثر شراكة فيها من الارادة الانسانية ، سنلاحظ ذلك من ولادتها في سفينة تعبر المتوسط، حاملة امرأة هاربة من السلطنة العثمانية بسطوتها (أم أسمهان) ، ليخرج جنينها بداية الخطوة الاولى لرحلة شقاء انساني ، وسنلاحظه من موتها غرقا في نهر النيل ، بين توقعات مختلفة بعضها يحيله الى الاغتيال السياسي ، وآخر يحيله الى الانتقام الشخصي ، وفي كل الأحوال فهو الموت الذي يمثل ذروة في التراجيديا لحياة هي التراجيديا بكل معانيها ، وبكل خصائصها ، فسيرة أسمهان في النهاية ، هي سيرة أميرة ، ولكنها وصلت الى حافة التسول ، كما الى ذروة المجد ، أميرة مازال الكثير من المؤرخين منشغلين بسؤال : هل هي من بنات الهوى ؟؟ ، أم أنها المرأة التي قررت اهانة الرجال وإلقائهم فوق عتبة بيتها؟.

السيرة الذاتية لأسمهان ، ستكون أكثر أهمية اذا ما تطلعنا اليها من خلال عصرها وزمنها ، والأحداث التاريخية التي غيرت مجرى العالم ، ومجرى الشرقين الأدنى والأقصى ، فمن المبتذل جدا ، والمجحف جدا ، أن نرى أسمهان دون أن نرى المرحلة التاريخية التي عاشت في ظلها ، مرحلة الصراعات الأممية ، التي تعني فيما تعني غرق أمم مقابل نهوض أمم ، بما يعكس ذلك على الثقافة والأفكار، خصوصا على مصر، وعلى الأغنية فيها ، حيث أسست تلك المرحلة لعمالقة الأغنية العربية :" سيد درويش، عبد الوهاب ، أم كلثوم ، وفريد الأطرش الأخ الشقيق لأسمهان ، وهو أيضا من ظلال تراجيديا عائلة أسمهان ، العائلة ، الهاربة من مكان لمكان ، وهي تحتفظ بذاكرة الامارة فيما الحياة تشدها الى القاع حيث العوز والفاقة ، وحيث سيكون الصراع شديد الوطأة حين ستكون الحياة السرية هي الحياة المطلوبة لاستمرار هذه العائلة على قيد الحياة.

تاريخ حياة أسمهان هو مابين عام 1918 و 1944، وهذه الحياة ، هي مزج لتاريخين : تاريخ عالم يشهد حربين عالميتين يمكن قراءته من تاريخ امرأة ..

هذا التاريخ هو تاريخ مغنية من خلال تاريخ لعبة أمم ، في مساحة هي الشرق الأوسط، ونحن هنا نبذل محاولة لفك لغز حياة شخصية تدور من حولها حياة شخصيات أثرت في التاريخ الانساني من أمثال الفرنسي شارل ديغول في فرنسا ، ولورنس العرب في بريطانيا ، والسلطان سليم في تركيا ، كما الملك فاروق ملك مصر ،
كما أنه جزء من تاريخ الثقافة العربية ، فليس بالوسع سرد حياة أسمهان دون الكشف عن ملابسات علاقتها بسيدة الغناء العربي أم كلثوم ، وليس بالوسع ذلك دون قراءة مكونات محمد عبد الوهاب ، وليس بالوسع ذلك دون الاهتمام بمستويين أنتجتهما الأغنية العربية آنذاك وهما الأغنية الشعبية الكفاحية التي صنعها سيد درويش وبيرم التونسي ، والأغنية الارستقراطية وقد انتمت أسمهان اليها .
كلا التاريخين سيأتي عبر السؤال الفلسفي لحياة هذه المغنية ، حياتها القائمة على الثنائية والتناقض : حياة العابثة والصارمة
أميرة ومتسولة
باذخة ومقترة
ماجنة ومحافظة


نحن هنا نبحث في محاولة لاسترجاع ذاكرة مازالت ملامحها مشوشة ومازال العرب منشغلين بها ، فيما سيكون الغرب ، واوروبا حصرا ، أكثر انشغالا حين سيصغون الى سؤالها وسيرتها ، وكذلك الى أغنيتها ، التي تبدو وكأنها قادمة من الأزل .