الناقد المصري سمير فريد يسأل...لماذا تعتبر جنسية كل فيلم هى جنسية شركة منشأ الإنتاج؟



ذكرنا أمس أن الفيلم الأمريكى «أمريكا» الذى فاز بجائزتى مسابقة الأفلام العربية فى مهرجان القاهرة هذا العام ليس فلسطينياً كما عرضته إدارة المهرجان نسبة إلى أصول مخرجته الأمريكية شيرين دعبس، وبالتالى لم يكن من الصحيح عرضه فى مسابقة الأفلام العربية، وأن القاعدة العلمية أن جنسية كل فيلم منذ اختراع السينما كانت، وسوف تظل، هى جنسية شركة منشأ الإنتاج، حتى لو كان الفيلم من الإنتاج المشترك مع شركات أخرى فى بلدان أخرى.

لماذا تعتبر هذه المسألة قاعدة «علمية» وليست موضوعاً لوجهات نظر مختلفة؟!

السبب الأول قانونى بحت، ويتعلق بحقوق الملكية، فكل فيلم من إنتاج شركة، وهذه الشركة مسجلة فى بلد ما، وهى التى تملك حقوق الفيلم، وإيرادات توزيع الفيلم تحصل عليها هذه الشركة، وتدفع عنها الضرائب للبلد الذى سجلت فيه الشركة. وهذه الجنسية لا تسقط أبداً حتى لو باعت الشركة الفيلم إلى شركة أخرى فى بلد آخر.

وعلى سبيل المثال فالأفلام المصرية التى اشترتها شركات سعودية لم تصبح سعودية، وإنما ظلت مصرية، وسوف تظل مصرية دائماً.

والسبب الثانى أن كل فيلم هو جزء من تاريخ البلد الذى أنتج فيه حتى لو كان مخرجه من بلد آخر، مثل الفيلم المصرى «واإسلاماه» الذى أخرجه الأمريكى أندرو مارتون، ومثل الفيلم الأمريكى «طفل روزمارى» إخراج البولندى رومان بولانسكى، على سبيل المثال أيضاً، فلا «واإسلاماه» يعتبر أمريكياً لأن مخرجه أمريكى، ولا «طفل روزمارى» يعتبر بولندياً لأن مخرجه بولندى.

وكل فيلم هو جزء من تاريخ البلد الذى أنتج فيه حتى لو كانت أحداثه تدور فى بلد آخر، أو صور فى بلد آخر، أو ينطق بلغة بلد آخر، أو عن تاريخ بلد آخر، أو يعبر عن ثقافة بلد آخر.

والسبب الثالث أن تقييم أى فيلم من الناحية النقدية، وأياً كان المنهج النقدى، لابد أن يراعى جنسية الفيلم لأن الأفلام لا تهبط جاهزة من السماء، وإنما تنتج على الأرض فى ظروف محددة ترتبط بمنشأ الإنتاج، فشروط الإنتاج فى فرنسا غير شروطها فى إندونيسيا، والرقابة فى هولندا غير الرقابة فى لبنان، والأجور فى استديوهات هوليوود غير الأجور فى استديوهات الجيزة، وهكذا كل شىء مختلف فى بلد عن آخر وفى زمن عن آخر، وما كان ينتج فى برلين النازية غير ما كان ينتج فى موسكو الشيوعية.

وربما يعبر فيلم «أمريكا» عن الهوية الثقافية الفلسطينية رغم أنه أمريكى، ولكن أن يقال إنه فيلم فلسطينى، أى من إنتاج شركة فى رام الله، فهذا غش وتدليس ومخالفة صريحة للقاعدة العلمية الثابتة حتى لو عرض فى كل المهرجانات باسم فلسطين.

نقلا عن المصري اليوم
بموافقة الاستاذ سمير فريد