لمى طيارة تكتب ...'الواجب' يجمع بكري الأب والابن في فيلم واحد

العرب اللندنية

لمى طيارة
محمد لبكري ، ممثل فلسطيني ، مخرج سينمائي ومسرحي ، صاحب مسرحية (المتشائل)   ، عمل مع العديد من المخرجين الفلسطينين في أفلام توجت بجوائز في المهرجانات الهامة،  مثل  فيلم رشيد مشهرواي(عيد ميلاد ليلى)، وفيلم ميشيل خليفة (زنديق) وغيرها  ، أخرج وأنتج العديد من الافلام الوثائقية ، وكان الاكثرها شهرة فيلمه (جنين جنين)، ومؤخرا لعب محمد لبكري دور البطولة الى جانب ابنه صالح في الفيلم الروائي الطويل  (الواجب) مع المخرجه الفلسطينية اللامعة آن ماري جاسر وهو فيلمها الروائي الثالث بعد فيلميها (ملح هذا البحر، ولما شفتك)، ورشح الفيلم ليمثل فلسطين في الاوسكار للعام 2018 .
تدور أحداث الفيلم الذي صور في مدينة الناصرة ، حول عائلة ابوشادي التي تجهز لزفاف ابنتها ، وهو ما  يستدعي عودة شادي الابن لمساعدة ابيه في مهمة توزيع بطاقات العرس كنوع من تقليد عائلي اشبه بالواجب، واثناء رحلة التوزيع التي يقضيها الرجلان ضمن سيارة الاب القديمة، نتعرف على مفارقات الشخصية الفلسطينية ، في الداخل والخارج، كما نتعرف على حياة الفلسطينين  داخل فلسطين وتحديدا  في مدينة الناصرة .
عن ذلك الفيلم وعن تجربتة مع المخرجه آن ماري جاسر، والصعوبة التي عاناها نتيجة  عمله  جنبا الى جنب مع ابنه صالح ، تحدث محمد لبكري قائلا  ، كان صعبا جدا التعامل مع أبني كممثل في الفيلم ، للحقيقة كان صعبا لكلينا ، لان العلاقة ما بين أبو شادي وابنه في الفيلم علاقة مركبة وحساسة جدا ، (مع كل حبي وتقديري لأبني وتقدير أبني لي كأب) ورغم سعادتي  بالتجربة إلا أن الجهد الذي بذلته في الفيلم نتيجة عملي بجانب ولدي كان مضاعفا عن الجهد الذي كنت سأبذله لو أديت الدور مع ممثل آخر، لأنه بالاضافة لكل التراكمات ما بين أبو شادي وابنه في الفيلم، هناك تراكمات أخرى موجوده بيني كمحمد بكري وابني صالح ، هذه التراكمات كانت مربعة وليست مضاعفة فقط،  ومن هنا كانت صعوبة العمل .
 لكن التجربة بحد ذاتها مهمة ، أحببتها جدا ، لأن صالح ممثل ممتاز وحساس ودقيق وحرفي جداً في عمله ، ومن المفيد العمل مع إنسان مهني بغض النظر عن كونه ابني ، لان مهنيته طغت على علاقتنا الشخصية ، بل كانت ما بعد بعد علاقة (الأب بالأبن) ، وأنا أفتخر بتجربة المشاركة معه وخصوصا أننا حملنا الفيلم على أكتافنا على إعتبار اننا نظهر على الشاشة في معظم الوقت .
  وأتفهم اليوم موقف آن ماري جاسر  وترددها طويلا قبل ان تختارني للدور برفقة ولدي، وانها لم تتنازل عن كلينا ، لان عملنا سويا لم يكن سهلا أيضا بالنسبة لها ، وكانت تضع في الحسبان الامور الشخصية التي ستكون في خلفية العمل (التصوير) ، وبطبيعة الحال هناك فضل كبير لوعيها وحساسيتها لكل النقاط التي كنت متخوفا منها ، وأستطاعت ان تتخطى كل الصعوبات الموجوده وان تعمل بشكل موضوعي كمخرجه للفيلم .
وعن صعوبة تصوير فيلم سينمائي في فلسطين عموما وفي الناصرة خصوصا يقول محمد البكري، صعب جدا التصوير في مدينة كالناصره ، مكتظة الشوارع والعمران والابنية ، والمنازل متقاربة لبعضها لدرجة الاتصاق، صحيح هي مدينة ولكن يغلب عليها طابع الاكتظاظ لدرجة تشعر انك ضمن مخيم لاجئين كبير.
ثم انه ليس من السهل  التصوير في أماكن عامه ، وخصوصا  عندما يكون  أكثر من نصف الفيلم مصوراً في الشوارع وضمن سيارة ، وليس هيناً ان يكون معك كل هذا الطاقم من الفنيين وكاميرا   وأن لا يحصل معك إرباك من الناس ، فحب الاستطلاع يجعل الناس ان شاءت أم أبت تزعجك بتصرفاتها أمام الكاميرا ، و قد تتسبب في إعادة تصويربعض المشاهد .
ولكن لحسن الحظ رغم الاكتظاظ والبرد الشديد الذي رافق التصوير،  كان لدينا فرقة كاملة من أهل الناصرة من أقرباء المنتج ، الذي هو زوج المخرجه ، الذين يعرفون الناصرة وكل زاوية فيها ، وهذا سهّل علينا التصوير رغم كل العقبات السابقة.
بطبيعة الحال ، هي ليست تجربتي الاولى في التصوير في شوارع فلسطين ، فلقد سبق لي ان صورت في الناصرة سابقا ، مع المخرج ميشيل خليفه في فيلم "زنديق" ، وكان تصوير الفيلم صعبا جدا لنفس الأسباب السابقة، كما انه كان لدي تجربة تصوير في رام الله مع المخرج رشيد مشهراوي في فيلم "عيد ميلاد ليلى" وكان ايضا صعبا لآن معظم المشاهد صورت في الشارع على إعتبار ان الشخصية تعمل (سائق تكسي) ولكن حينها كان لنا الحظ لان السلطة الفلسطينية ارسلت لنا شرطيين لمرافقتنا طيلة فترة تصوير العمل ، والناس عادة ما تخشى الشرطة، بينما رفضت آن ماري جاسر الاستعانة بالشرطة الاسرائيلية في الناصرة .
وعن الطريقة التي تم اختياره فيها للفيلم، وهل وجوده في فلسطين يساعده  للحصول على أدوار يقول، وجودي في فلسطين كان له تأثير على اختياري لهذا الدور بالتحديد (أبوشادي في فيلم الواجب) ، ولكن وجودي بشكل عام في فلسطين ليس سببا لحصولي على ادوار سينمائية بشكل أكبر، فهناك العديد من الممثلين الممتازين في فلسطين، ولديهم قدرات لا يستهان بها ، ولكن عادة ما يختار المخرج الممثل المناسب للشخصية التي سيلعبها.

أحب بالعموم عمل آن ماري المخرجه ، فما يميزها عن بعض المخرجين الذين عملت معهم سابقا ، انها تعرف ماهو الصح وما هو الخطأ، وتحاول بعد تصوير (الشوت) المشهد ، ان تلفت نظري ببعض الملاحظات حول ما قمت بتصويره، وتخبرني أين أخطأت أو ما الذي كانت تريده مني ضمن المشهد بالضبط،  (اللون والنبره) ، وهذا كان يسهّل عليّ العمل كثيرا ، لأن المخرج حين لا يعرف تقديم الملاحظة للممثل قد يتوه أو قد يتخذ خيارات غير صائبة، وخصوصا  في ظل الظروف التي كانت تجعل مشاهدتي لما صورت غير متاحا لأسباب تقنية وغير تقنية ، كرغبة المخرجة ان لا أكون واعيا للكاميرا وللصورة وأن أكون أكثر تركيزا في مهنتي كممثل ، وربما لديها كل الحق في ذلك وربما كنت سافعل ذات الشيء لو كنت مكانها .