لمى طيارة ...رشيد مشهراوي يجمع نجوم التمثيل العربي في قرطاج

  • تتواصل إلى غاية الـ11 من شهر نوفمبر الجاري، فعاليات الدورة 28 من أيام قرطاج السينمائية تحت إدارة المخرج والمنتج التونسي نجيب عياد، وهي الدورة الأولى التي يديرها، وكان عياد قد أعرب في كلمة افتتاح الأيام في الرابع من هذا الشهر، أنه بعد نصف قرن من النضال، تبقى الأيام مكسبا محوريا للنضال السينمائي والفكري كما كانت لعقود. وأن هدف هذه الدورة هو الاحتفاء بالجمهور الرائع لأيام قرطاج السينمائية، وكذلك بالضيوف وتمكينهم من التعرف على تجارب سينمائية قد لا يعرفون عنها الكثير.

  • تونس - افتتح فيلم "كتابة على الثلج" للمنتج والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، السبت فعاليات أيام قرطاج السينمائية في دورتها الـ28، وهو العرض الأول للفيلم الذي منح للمخرج نظرا لأنه صوّر داخل تونس ولأن أحد منتجي العمل تونسي، وتدور أحداثة في مدينة غزة الفلسطينية، (وقع تصويره بالكامل في مدينة طبرقة التونسية) في يوم عاصف بالقصف، الأمر الذي بدوره يجمع أبطال الفيلم داخل منزل عائلة لم يبق فيها سوى رب الأسرة وهو طاعن في السن، يلعب دوره الممثل السوري غسان مسعود وزوجته الممثلة الفلسطينية عرين عمري، في حين تلعب بقية شخصيات العمل كل من المصري عمرو واكد واللبنانية منى مروان إلى جانب الفلسطيني رمزي مقدسي.
    انقسام داخلي
    يعتبر الفيلم من نوعية الأفلام التي تقوم مجمل أحداثها داخل الأماكن المغلقة، بشكل يدفع بشخصيات العمل وعبر الزمن والضغط النفسي إلى الكشف عن دواخلها وتوجهاتها، الأمر الذي ساعد للمخرج الذي هو أحد كاتبي العمل، بتسخير الظرف للعودة مرة أخرى إلى القضية الفلسطينية، ليس فقط من منظار احتلال واستيطان، بل في محاولة منه لكشف الاختلافات الجذرية بين الفلسطينيين أنفسهم بعيدا عن سطوة الاحتلال، حيث أن اختلاف الرؤى والانتماءات والعقائد يؤدي إلى انقسامهم داخليا بشكل شبه جذري.
    وتدور أحداث “كتابة على الثلج” حول قصة إنسانية جرت أحداثها في غزة، حين يحاول رجل فلسطيني بمساعدة متطوعة من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مساعدة أحد المصابين أثناء القصف، وذلك بالتوجه إلى أحد المنازل التي ما زالوا يقطنون فيها، في انتظار عودة الهدوء إلى المكان، إلاّ أن الفيلم يحمل في طياته صراعا عربيا، لأن ما يدور من نقاشات واختلافات أيديولوجية وعقائدية خلال ساعات الانتظار تلك، يشبه إلى حد كبير ما يحصل داخل ومع مواطني أي دولة عربية.
    حتى نستعيد القضية  ورغم أن الفيلم بإجماله كان يسعى إلى إبراز تلك الخلافات الداخلية التي باتت أشد من الخلافات الكبرى والعظمى التي تهدد أمن وسلامة الإنسان، وخاصة الواقع تحت وطأة الاحتلال، إلاّ أن المخرج فشل في إغلاق حكايته، بحيث انتهى الفيلم وما زلنا نعتقد أن نهايته لم تكتمل، أو أنه يحمل حلقة فارغة لم يستطع المشاهد أن يملأها، كما يحصل عادة حين تترك النهايات مفتوحة أو شبه مفتوحة أو غير مهمة لكاتب الفيلم، كما هي الحال مع فيلم “كتابة على الثلج”.
    عن فيلم “كتابة على الثلج” وعن تجربة العمل مع المخرج رشيد مشهراوي، تحدث الممثل السوري غسان مسعود لجريدة “العرب”، قائلا “الصديق العزيز المخرج رشيد مشهرواي كان قد قابلني في القاهرة، وبمجرد أن تحدث معي عن فكرة الفيلم، كان لزاما عليّ أن أوافق، نحن في زمن نكاد أن نضيّع فيه فلسطين مع كل يوم جديد، وعندما يأتي فيلم أو عمل فني من شأنه أن يخدم فلسطين، بالتأكيد سأكون متحمسا لهذه التجربة، وبناء عليه تم الاتفاق بيني وبين رشيد بسرعة مذهلة، وأنا سعيد جدا بالتعامل معه، لأنه رجل عاشق للسينما”.
    وعن سبب ابتعاده عن السينما السورية ممثلة بمؤسسة السينما، قال “كان عليّ أن أشارك ولو بفيلم واحد في السينما السورية، وحصل وأن اتفقت مؤخرا مع الصديق المخرج باسل الخطيب على فيلم، وبعد اجتماعات مطولة أثناء كتابته لقصة الفيلم، حصل بيننا نوع من التطابق في ما اشتهي ويشتهي، فأنجزنا تلك التجربة وهي من إنتاج مؤسسة السينما السورية، ووفق قوانين المؤسسة الراعية، وهو ما تم دون أيّ مشاكل تذكر”.
    ويستطرد مسعود “لكن السؤال عن سبب ابتعادي سابقا وربما لاحقا عن السينما السورية، فأرى أن الرد عليه قد أصبح مكررا وعقيما، المسألة لا تتعلق فقط بالأجور التي هي شيء أساسي لكل فنان وفني ومبدع في مجال السينما، وليس فقط بالنسبة للممثل، وإنما الأمر يتعلق أيضا بالقوانين القديمة التي كانت تتحكم بقطاع السينما ماليا والتي تنتمي إلى الحقبة العثمانية، وما زلت تطبق حتى يومنا هذا”.
    وما ميز حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية هذا العام، إقامته في قاعة “الكوليزي” لثاني مرة منذ انطلاق الأيام سنة 1966، وهي قاعة تتوسط شارع الحبيب بورقيبة، بوسط العاصمة تونس، والتي تعدّ من أكبر قاعات السينما التونسية، حيث تسمح لدخول أكبر عدد ممكن من الضيوف، ونظرا لقربها من مكان إقامة النجوم، تم وضع السجادة الحمراء على امتداد الطريق، بشكل سمح للتونسيين من فسحة مشاهدة نجوم المهرجان والاحتفاء بهم أثناء انتقالهم من مقر الإقامة إلى مكان الاحتفال.
    يذكر أن الأيام في دورتها الحالية أعادت المسابقة الخاصة بالفيلم الوثاقي الطويل والقصير، بعد أن كانت مدمجة ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ويحتفل هذا العام بأربعة ضيوف شـرف، هي: الجزائر ممثلة عن الدول العربية، والأرجنتين ممثلة عن أميركا اللاتينية، وسينما أفريقيا الجنوبية ممثلة عن أفريقيا، وسينما كوريا الجنوبية ممثلة عن آسيا، وسيعرض لكل منهما أفلام ضمن سلسلة “تحت المجهر”.